السبت، 06 يوليو 2024

09:11 م

رسالةٌ إلى المُعلقِ الرياضي "علي محمد علي"

لست خبيرا في الرياضة، لكن هذا المقال هو انطباعي كمستمع عن المعلق الرياضي المصري الوطني "علي محمد علي"، صاحب الصوت المميز، ومسؤول قسم المعلقين بقناة "بي إن سبورت" الرياضية، فهو أيقونة مصرية، نفتخر بها، وهو محب لوطنه، ولا يعرف الحيادية إذا تعلق الأمر بالمنتخب  الوطني، أو تعلق بمواجهات طرفها غير مصري، لا فرق عنده بين الزمالك الذي يشجعه، وبين أي نادٍ آخر.

والتعليق ركن أساسي من أركان المنظومة الرياضية، يُضفي على المباراة متعة وإثارة وجمالا، وما أفهمه أن المعلق الرياضي يقوم بثلاث مهام:

المهمة الأولى: الوصف التفصيلي والتعليق على الأحداث داخل المستطيل الأخضر، مع الحركة الدائمة مع الكاميرات لوصف ما تعرضه من عواطف وانفعالات، كالبكاء أو الفرح أو التهليل.

المهمة الثانية: قراءة الملعب قراءة فنية للفريقين، ونذكر في هذا المضمار المعلق الكبير المرحوم محمود بكر، فقد كان يقرأ الجانب الفني بطريقة غير مسبوقة، والمعلق الرياضي "علي محمد علي" عنده قدرات ومهارات في أداء المهمة الأولى والثانية، وناجح فيهما بمستوى عال جدا، لكن تظل مشكلته في المهمة الثالثة.

المهمة الثالثة: تتعلق بسيل المعلومات التي يقدمها للمستمع، فتُبعد المشاهد عن أحداث المباراة، وليست المشكلة فقط في سيل المعلومات فقط، ولكن فيما يتعلق بقيمة هذا المعلومات من ناحية، وفي السياق الذي لا يناسب المستمع من ناحية أخرى، فهو يبحث عن أدنى مناسبة ليُخرج المشاهد من أحداث المباراة، وينقله إلى معلومات قد لا تمثل له قيمة، فمثلا: لاعب من موزمبيق أراد أن يلتحق بالكرة قبل خروجها من الملعب، فإذا به يحدثنا عن تاريخ اللاعب وعمره والأندية التي لعب لها في موزمبيق، كل ذلك والكرة عادت إلى الملعب، ثم وصلت قرب المرمى، ثم كانت الهجمة خطيرة، ومازال المعلق لم ينته من سرد قصة اللاعب وحياته والإنذارات التي حصل عليها في دوري موزمبيق !!

 أيضا هو يقدم معلومات رياضية نافعة، لكنه يُدخلها في معلومات “العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر”، فيضيع النافع وسط غير النافع، كأن ينقل للمستمع تاريخ وحياة ونشأة لاعب الرأس الأخضر "جيلسون تافاريس"، أو يقدم لنا معلومات عن تاريخ وحياة ونشأة لاعب خط وسط موزمبيق "دومينجوز ماكانزا"، وهما لاعبان مغموران، وخذ من ذلك الكثير.

إن فهمي لسرد المعلومات أن يُراعى فيه توقف المباراة، لأن المبارة عادةً تتوقف من 15 – الى 20 دقيقة، فيها إصابات أو تعطيل للوقت، أو تغيرات لاعبين،  هنا فقط يتم عرض المعلومات، لأن معلقنا الكبير يسرد معلومات كثيرة، يُبعد بها المشاهد عن المباراة، وأحيانا يسرد المعلومات، والكرة في الملعب، والهجمة خطيرة، واقتربت الكرة من المرمى، وهو يغرد بعيدا، حتى تكاد الكرة تدخل المرمى، فيقطع سردياته فجأة بعد فوات الأوان. 

نقطة أخرى تتعلق بدور المعلق في الوعي بثقافة بلاده، وقد نجح المعلق الكبير "عصام الشوالي" في نقل الثقافة التونسية للوطن العربي، لا سيما حينما تكون تونسُ طرفا في المباراة، فيُعرِّف بمعالم تونس ومدنها وما شابه، والحقيقة أن "علي محمد علي" بارع أيضا في هذا ويجيده، لكنه مُقل فيه، لغلبة سرد المعلومات الكثيرة على طريقة تعليقه.

المعلق الكبير  "علي محمد علي" يتسم بالحيادية، والصوت النقي الندي، ومهارة حضور المعلومات، والخلفية الثقافية الكبيرة في مجال الرياضة وغير الرياضة، ومتمكن من مفراداته الفنية، وماهر في القراءة الفنية للملعب، وله انتماء لوطنه مصر، والوطن العربي كله، ويضع مصر عاليًا، ويُشعرك بالأمل في تعليقه، لكن جمال كل ذلك يظهر  أكثر وأكثر لو أنه لو قلل من سرد المعلومات، ليكون التركيز الأكبر على التعليق والوصف والجوانب الفنية، ونقل ثقافة بلده مصر ووطنه العربي للمشاهد.

search