الخميس، 12 ديسمبر 2024

01:35 ص

إغلاق مدارس واختفاء قرى.. الوفيات تتفوق على عدد المواليد في اليونان

قرية فورنا في اليونان، يسكنها 180 شخصا

قرية فورنا في اليونان، يسكنها 180 شخصا

خاطر عبادة

A A

تمتلك اليونان أكبر نسبة معمرين في العالم، حيث تبلغ نسبة من تجاوزوا عمر 65 عامًا 23% من عدد السكان، وتجاوزت الوفيات عدد المواليد السنوي في اليونان في عام 2010 مع انزلاق البلاد إلى أزمة مالية حادة، وتفاقمت الأعداد بشكل مطرد منذ ذلك الحين، لتصل إلى ما يقرب من ضعف مستوى المواليد في عام 2022.

ووفقا لتقرير صحيفة الإندبندنت البريطانية، فإن أحد الأمثلة على التحدي السكاني الذي يواجه اليونان، هي قرية فورنا الصغيرة النائية في وسط البلاد، حيث تواجه انهيارًا ديموجرافيًا بسبب شيخوخة سكانها وانخفاض معدل المواليد، إذ شهدت إحدى المدارس بالقرية تسجيل تلميذين فقط.

ولمواجهة انقراض السكان، أُطلقت حملة لتقديم حوافز مالية ودعم لجذب الأسر للانتقال إلى فورنا، نتيجة شراكة بين المدرسة المحلية وكنيسة القرية.

وكانت الحملة ناجحة، حيث انتقلت بالفعل عائلتان إلى المدرسة، وهناك خمس عائلات أخرى على قائمة الانتظار، ومئات الاستفسارات، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة المحلية.

180 شخصا عدد سكان فورنا

وكان نجاح حملة فورنا بمثابة مثال للقرى الأخرى التي تكافح في اليونان، حيث قدمت نموذجًا محتملًا لتنشيط المجتمعات الريفية.

وفورنا موطن 180 شخصًا ومخبأة في جبال وسط اليونان، ومهددة بالزوال، إلا أنها تعتزم الحفاظ على مكانها على الخريطة.

وتقع هذه القرية على بعد 4 ساعات بالسيارة من أثينا، وتتمتع بصمت شبه كامل، تقطعه بين الحين والآخر أجراس الكنائس وعواء الكلاب، ويقيس السكان المسنون فرص بقاء القرية على قيد الحياة من خلال عدد الأطفال المسجلين في المدرسة الابتدائية المحلية.

وفي العام الماضي، كان هناك اثنان فقط في المدرسة الابتدائية، ولكن أحوال القرية انقلبت رأسًا على عقب بسبب شراكة غير متوقعة، فقد وجدت المعلمة المحلية، وهي طالبة دكتوراه تدرس الذكاء الاصطناعي، قضية مشتركة مع القس قسطنطين دوسيكوس، وهو كاهن أرثوذكسي ضخم البنية وعامل سابق في آلات قطع الأخشاب، رُسم كاهناً قبل بلوغه الخمسين بقليل.

وبدأت المعلمة والقس حملة لجذب العائلات إلى فورنا، وعرضا أموال الاستقرار التي تم جمعها من التبرعات الخاصة والبرامج البلدية.

ونجحت الخطة حيث فقد انتقلت أسرتان إلى القرية، وهناك خمس أسر أخرى على قائمة الانتظار لعام 2025، كما تقدم مئات آخرون بطلبات للاستفسار، والآن، يذهب 8 أطفال إلى الفصول الابتدائية.

وفقًا لبيانات البنك الدولي، فإن اليونان لديها واحدة من أكبر مجموعات السكان سنًا في العالم، حيث يبلغ عمر 23% منهم 65 عامًا أو أكثر في عام 2023.

وتواجه منطقة إفريتانيا في وسط اليونان، موطن فورنا، معدلات ولادة منخفضة وهجرة سكانية ريفية، حيث يبلغ متوسط ​​العمر 56.2 عامًا، وهو أحد أعلى ثلاثة معدلات في الاتحاد الأوروبي.

وقالت باناجيوتا ديامانتي، معلمة المدرسة الابتدائية الوحيدة في فورنا والمؤسسة المشاركة للحملة العائلية "حياة جديدة في القرية"، إن خطورة الوضع ملموسة، وإذا لم يأتِ الأطفال، فسيتم نقل المعلم وستُغلق المدرسة، والمدرسة المغلقة لن تفتح أبوابها أبدًا، نحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات جريئة.


إغلاق أكثر من 200 مدرسة


وشهدت اليونان إغلاق أكثر من 200 مدرسة وروضة أطفال عامة في العام الدراسي الحالي بسبب انخفاض الالتحاق، والعديد منها في أجزاء نائية من البلاد ذات كثافة سكانية منخفضة بسبب تضاريسها الجبلية البرية والعديد من الجزر الصغيرة.

وتواصلت العديد من السلطات المحلية مع حملة فورنا، وطلبت من ديامانتي مساعدتهم في بدء برنامج مماثل.

وفي العام الماضي، أنشأت الحكومة المحافظة وزارة للأسرة والتماسك الاجتماعي، كما زادت مخصصات الأسرة في ميزانية 2025، وتواصلت مع الكنيسة الأرثوذكسية طلباً للمساعدة.

وفي العام الماضي، أصدر المجمع المقدس الحاكم للكنيسة تعميما تمت قراءته في جميع الكنائس الأرثوذكسية في اليونان، جاء فيه أن الحوافز المالية لن تكون كافية لعكس الاتجاهات الديموجرافية المروعة.

وأضافت الكنيسة "إن الكنيسة تؤكد على البعد الروحي للحياة الأسرية، وتدعو إلى الوحدة والحب وتكوين الأسر، قائلة "إن الأطفال الذين يعتبرون هبة من الله، يجلبون معنى للحياة ويرمزون إلى الأمل والتجديد".

بالنسبة لسكان فورنا، فإن حضور الكنيسة مرتبط ببقاء القرية، حيث تظل حوالي عشرين كنيسة في المنطقة فارغة معظم العام، ولكنها محفوظة بشكل جيد ومفتوحة للمناسبات المهمة في التقويم الديني، وقد فاجأ ظهور الأطفال في الكنيسة وفي شوارع القرية الهادئة أغلب السكان.

search