السبت، 28 ديسمبر 2024

11:46 ص

نتنياهو يحرق "الوحوش الورقية".. إلى أين تذهب إسرائيل غدًا؟

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو

A A

بعد ساعات من رفض اقتراح الولايات المتحدة بوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً مع “حزب الله” في سبتمبر الماضي، تباهى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه قادر على تغيير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط لسنوات مقبلة.

وأمر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي باغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله، في إشارة إلى أن إسرائيل تحوّل تركيزها من الأراضي المدمرة في غزة إلى تكثيف هجومها ضد المسلحين اللبنانيين، ومع نهاية العام تحولت الديناميكيات في الشرق الأوسط بلا أدنى شكّ لصالح الاحتلال.

أجبرت ضربات الاحتلال العسكرية المتواصلة لحزب الله، الأخير على قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي منح إسرائيل في الأساس الحق في مواصلة الضربات في لبنان.

إيران في أضعف حالاتها

أصبحت إيران في أضعف حالاتها منذ سنوات، وبدا "محور المقاومة"، الذي يضمّ المسلحين المدعومين من إيران، ومنهم حزب الله وحماس، أشبه بـ “وحش من ورق”، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية جزءاً كبيراً من الدفاعات الجوية للجمهورية الإسلامية في أكتوبر الماضي، وهو أكبر هجوم على إيران منذ عقود، غير أنه من المهم ألا نتناسى الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية للاحتلال في المنطقة، وفق تحليل لـ"فاينانشال تايمز".

ومنذ عام 1948، قدّمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 186 مليار دولار. ووفقاً لخدمة أبحاث الكونجرس، تقدّر بعض الدراسات قيمة هذه المساعدات - بعد حساب التضخم- بنحو 310 مليارات دولار، منها 218 مليارًا للمساعدات العسكرية و16 مليارًا لبرامج الصواريخ. 

وعانت إيران من نكسة أخرى هذا الشهر، عندما أطاح مسلحو المعرضة السورية بشار الأسد، الذي دعمته طهران خلال الحرب الأهلية في سوريا منذ 2011.

وجرى إجلاء نحو 4000 إيراني من سوريا بعد أن خسرت إيران حليفاً مهماً في الشرق الأوسط ورابطاً برياً حيوياً لتزويد حزب الله، وكيلها الأكثر أهمية.

ربما لم يكن لإسرائيل يد مباشرة في سقوط الأسد، لكن قصفها للأهداف الإيرانية في سوريا، وحزب الله، الذي ساعد أيضاً في دعم النظام، مهد الطريق لـ"هيئة تحرير الشام"، بقيادة أبو محمد الجولاني إلى دمشق.

منذ فشل الاستخبارات الإسرائيلية في التعامل مع هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين، أصبحت درجة التفوق العسكري الإسرائيلي على إيران وحلفائها واضحة بشكل صارخ، كما انتعشت حظوظ نتنياهو السياسية بالتوازي.

بعد هجوم حماس، توقع كثيرون نهاية هيمنته على السياسة الإسرائيلية، ولكن ائتلافه اليميني المتطرف تعزز بإضافة حزب آخر، وعادت أرقام استطلاعات الرأي الخاصة به إلى مستويات ما قبل السابع من أكتوبر.

إسرائيل.. أياد ملطخة بالدماء

ولكن المكاسب التي حققتها إسرائيل في ساحة المعركة جاءت بتكاليف باهظة تستمر لسنوات قادمة، فضلا عن الأيادي الملطخة بالدماء والمعاناة التي جلبتها هجماتها لملايين المدنيين في غزة ولبنان.

إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية في غزة، حتى أن المحكمة الجنائية الدولية أمرت باعتقال نتنياهو وجالانت وزير دفاعه السابق، بتهم “جرائم حرب”.

وقتل الاحتلال أكثر من 45 ألف فلسطينيا، فضلا عن الحصار الذي فرضته على غزة البالغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة؛ والقيود المفروضة على المساعدات والمياه؛ وتدمير البنية التحتية المدنية التي جعلت كثير من القطاع غير صالح للسكن.

نازحون فلسطينيون يصلون إلى جباليا شمال غزة (AFP)

مذكرة اعتقال لنتنياهو

في إصدارها مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، قالت المحكمة الجنائية الدولية إن هناك "أسباباً معقولة" للاعتقاد بأنه “بيبي” يتحمل المسؤولية الجنائية عن “جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب... وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.. إن حرب إسرائيل وحصارها يشكلان وصمة عار ليس فقط على إسرائيل، بل وأيضاً على الولايات المتحدة، التي سمحت لنتنياهو بالتصرف دون عقاب”.

وبعد تدمير القدرة العسكرية لحماس وتحييد التهديدات الإقليمية للاحتلال، لم يعد لدى نتنياهو أي مبرّر لعدم إنهاء الصراع والموافقة على صفقة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين.

لكن يبدو أنه وحلفاءه من اليمين المتطرف عازمون على احتلال المزيد من الأراضي على جبهات مختلفة، فمنذ استيلاء الفصائل المسلحة السورية على السلطة، شنت غارات على مواقع عسكرية سورية ودمرت غالبية الترسانة السورية العسكرية، وبسطت سيطرتها على المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان السورية وعززت وجودها بتوسيع الاستيطان فيها.

search