الإثنين، 06 يناير 2025

08:51 م

تامر إبراهيم يكتب: أحمد الشرع نموذجًا.. يضاجعون السبايا ولا يصافحون النساء

تامر إبراهيم

تامر إبراهيم

شدت أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، الترحال إلى دمشق، لعقد مباحثات مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

ما جرى من مباحثات ورسائل أوروبية إلى أحمد الشرع لم يلفت الأنظار مثلما فعل رفضه مصافحة الوزيرة الألمانية كونها إمرأة، استنادًا إلى عقيدة إسلامية يرسمون بها ملامح أيديولوجيتهم.

لا نصافح النساء بل نسبيهن ونضاجعهن

بين الجهر بالحديث وبين الهمس تحركت الشفاه متساءلة عن تصرف أحمد الشرع، المعروف بأبو محمد الجولاني سابقًا، والذي كان قبل بضعة أسابيع إرهابيًا يبحث عنه العالم راصدًا مكافأة كبيرة لمن يدلي على مكانه، واليوم يتسارعون للقائه يغسلون سمعته ويغفرون له جرائمه.

رفض الشرع مصافحة السيدة تطبيقًا للشريعة، فهل أيضًا منحته الشريعة حق السبي والاغتصاب وبيع النساء في سوق الرقيق وإجبارهن على معاشرة الرجال أو استخدامهن أداة متعة جنسية للمقاتلين الملقبين زورًا بالمجاهدين؟

عشرات القصص خرجت من أرحام جرائم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، والذي كان أحد أهم رجاله الجولاني، الذي أسس جبهة النصرة، فرع داعش في سوريا، وظل رجل الظل بها لسنوات طويلة، يفتي ويسبي ويقتل كيفما يشاء.

نساء إيزيديات تحدثن في وقت سابق لقناة "العربية"، وسردن الرواية المظلمة لسبيهن واغتصابهن ومضاجعتهن بما لا يخالف شرع "داعش".

أشواق حجي حميد، إحدى الإيزيديات اللائي نجون من التنظيم، قالت إن قائده أبو بكر البغدادي، صديق وشريك أبو محمد الجولاني، اغتصب النساء وعرضهن للبيع.

في سياق متصل، قالت شابة أخرى في تصريحات صحفية، إن مقاتلي داعش كانوا يسبون النساء والفتياتويأخذهن كغنائم حرب، ويجبرهن على التبرع بالدماء للجرحى من المقاتلين بعد الاغتصاب عدة مرات.

جهاد النكاح

مصطلح جهاد النكاح برز كثيرًا في سوريا والعراق إبان تمدد تنظيم داعش في البلدين وسيطرته على مناطق عدة، وبسببه تم ارتكاب عشرات الجرائم، من بينها ما أعلن عنه وزير الداخلية التونسي السابق، لطفي بن جدو.

الوزير السابق قال إن فتيات تونسيات سافرن إلى سوريا من أجل جهاد النكاح، وعدن إلى تونس حوامل. إن نساء تعرضن لاعتداء جنسي من عشرات المقاتلين، يتناوبون عليهن، وعدن إلى تونس حوامل.

ما أكد رواية الوزير التونسي، شهادات لنساء طبقن جهاد النكاح في داعش بسوريا، إبان حكم أبو محمد الجولاني للتنظيم. فسيدة تدعى عائشة التونسية روت لوسائل إعلام محلية حكايتها المأساوية.

قالت عائشة إنها كانت على تواصل مع نساء أخبرنها عن جهاد النكاح باعتباره فريضة إسلامية أفتى بها عدد من العلماء، فسافرت إلى سوريا لتطبيقه مع الذين يجاهدون في سبيل الله هناك، فارتدت النقاب ومارست جهاد النكاح في سبيل الجنة.

الجولاني.. جرائم متواصلة

لم تكن تلك الجرائم خلال فترة تولي أبو محمد الجولاني "أحمد الشرع" مسؤولية جبهة النصرة في سوريا وحسب، بل حينما انفصل عن داعش وأعلن تأسيس هيئة تحرير الشام أيضًا.

عشرات التقارير خرجت وقتما سيطر أبو محمد الجولاني على إدلب، ورصدت جرائم كبرى ارتكبها في المحافظة السورية التي كان يحكمها قبل نجاح "ثورته الإسلامية" أو بمعنى أدق "خطة أمريكا وتركيا وإسرائيل".

جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام شن حملات اعتقال موسعة طالت نساء لمجرد ضبطهن بتهمة إعطاء دروس مختلطة للطلاب في منازلهم.

لم تسلم من حملات الاعتقال تلك أي امرأة، فاعتقل حوامل وقاصرات، ونساء يعملن في ورش خياطة ومشغولات يدوية، واكتظت سجونه بالنساء اللائي تعرضن لعمليات تعذيب ممنهجة واعتداءات جنسية وقتل بوحشية.

سجن عقاب في جبل الزاوية كان شاهدًا على تلك الجرائم، فهو "صيدنايا الجولاني الخاص"، كان يضم في زنازينه سبايا إيزيديات ومسيحيات وكرديات، اشتراهن مقاتلو هيئة تحرير الشام كسبايا تم بيعهن في سوق للرقيق، حينما كانت الهيئة في مسماها القديم "جبهة النصرة".

الجولاني.. بيع السبايا في سوق الرقيق

شريهان رشو، ناجية إيزيدية بيعت في مدينة الرقة لتجار عبيد من جبهة النصرة في إدلب التي سيطر عليها الجولاني وأعلنها عاصمة لجماعته لاحقًا.

حكت شريهان أنه في 2017 باعها المقاتل الذي يملكها إلى مقاتلين آخرين في صفوف جبهة النصرة، وهما أبو عبد الله الداغستاني، وأبو خالد العراقي، وجرى اقتيادها إلى سجن تحت الأرض في إدلب وبقيت هناك شهرًا، واكتشفت أنه سوق لبيع السبايا.

كل هذا كان يتم بمباركة الجولاني قائد التنظيم، وتحت إشرافه المباشر كونه الأمير الآمر الناهي.

وهو الأمر الذي دعم تقرير صادر عن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي قالت في تقرير لها إن إرهابيي هيئة تحرير الشام نهبوا البيوت وعذبوا المدنيين، وواصلوا التمييز ضد النساء والفتيات بشكل منهجي، بما في ذلك حرمانهن من حرية التنقل. وأنه في مناطق هيئة تحرير الشام تنتشر انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وأن الأفعال التي يرتكبها أعضاء هيئة تحرير الشام ترقى إلى جرائم حرب.

فتاوى لن نصافحهن بل نضاجعهن

في عقيدة الإرهابيين أمثال أبو محمد الجولاني "أحمد الشرع" تجد هناك حرمانية لمصافحة النساء، لكن لا حرمانية في مضاجعتهن وسبيهن وبيعهن.

داعش الذي كان ينتمي له الجولاني، أصدر كتيبًا بعنوان "السبي والرقاب" قبل عشرة سنوات، وكان وقتها عضوًا بارزًا فيه بل وأحد أهم قياداته.

الكتيب شمل إجابات التنظيم على 32 سؤالًا بشأن السبي والأسيرات ونكاحهن، ومعاملة غير المسلمات على أنهن إماء. حيث عرف السبي في بداية الأمر بأنه ما أخذه المسلمون من نساء أهل الحرب، وأباح بيع وشراء وهبة السبايا والإماء، وتجريدهن من صفة الإنسانية.

الكتيب الذي يكشف عقيدة أبو محمد الجولاني، شرع بأحقية ضرب الأمة وهروبها من كبائر الذنوب، وجماع الأسيرة فور أسرها طالما عذراء، ولكن إن لم تكن كذلك ينبغي الانتظار حتى ينظف رحمها. ويجوز جماع الأسيرة التي لم تبلغ سن البلوغ، وإن لم تكن صالحة للمضاجعة فيكفي مداعبتها والتمتع بها دون جماع. ثم أجاز بيع السبية والأسيرة.

كيف يرد الإسلام على هؤلاء؟

تلك الممارسات الشاذة عن الإسلام ردت عليها دار الإفتاء المصرية، التي اعتبرت أن تنظيم داعش ومن على شاكلته، أعاد إحياء فصل كريه من التاريخ يتمثل في السبي والرق.

الدار قالت إن تلك التنظيمات تعمل على امتهان المرأة واستغلالها أبشع استغلال لتحقيق أهداف دونية لا تمت للإسلام بصلة، وكل الفتاوى الصادرة عن تلك التنظيمات ركزت على أحكام وطء المرأة بعد سبيها، والاستمتاع الجنسي بها، وسلبها كيانها الإنساني وبيعها كأي شيء مملوك وتعذيبها إن خالفت سيدها. وكل هذا خارج عن الإسلام.

الرحلة من الجولاني للشرع

كل تلك الممارسات كان يشارك في تشريعها وتتم تحت مسامع وأبصار أبو محمد الجولاني، وكان مقاتلوه يمارسونها في العلن، وسجنه في إدلب كان سوقًا لبيع السبايا وتجارة الرقيق.

الأزمة ليست في أن يصافح أحمد الشرع حاليًا، أبو محمد الجولاني سابقًا، وزيرة أوروبية، وليست في ذلك الخطاب الذي يداعب فيه الدول العظمى، بل في عقيدة رعاها وحرض على تطبيقها وأشرف على ذلك التطبيق، وجرائم حرب ارتكبها. فهو رفض المصافحة والتاريخ يرفض الصفح.

search