
طابونة "ابن أبو ريدة" وصبيانه | خارج حدود الأدب
بدون مقدمات منمقة أو مقارنات ومقاربات تاريخية جوفاء، لنقتحم عش الدبابير دون خوف، عش الحاكم بأمره، والآمر الناهي في منظومة كرة القدم في مصر على مدار ربع قرن.
من 2000 إلى 2004 - صفر المونديال
أوكل اتحاد الكرة المصري في ذلك الوقت برئاسة "سمير زاهر" أهم ملفات الكرة المصرية للنجم الصاعد في سماء إدارة كرة القدم المصرية وأمين صندوق اتحاد الكرة "هاني أبو ريدة"، ففي تلك الفترة أعلن الاتحاد الدولي عن قراره بتنظيم كأس العالم 2010 في دولة أفريقية، وعلى الدول التي ترى أنها قادرة على استضافة هذا الحدث، تجهيز ملف متكامل عن القدرات والمخططات لنيل هذا الشرف، وبالتأكيد بقيمة ومكانة مصر في القارة كنا نتوقع أن نكون في المقدمة، وبالفعل قام أبو ريدة بقيادة هذا المشروع الحلم لشعب بأكمله بحرفية واقتدار، وانتشرت اللافتات والإعلانات في كل ربوع مصر عن هذا الحلم الكبير، إلا أنه يبدو قد تغافل عن أن الدعاية يجب أن تكون خارجية لا داخلية، وأن القوة يجب أن تكون في التخطيط لا التهجيص، ونال أبو ريدة واتحاد الكرة في هذا الملف العلامة الكاملة، "صفر" كبير توج جهوده العظيمة، فلم تصوت لملف مصر حتى ولو شبه دولة.
من 2005 إلى 2012 – حادثة بورسعيد
ومن جديد وبلا حرج عاد سمير زاهر على رأس الاتحاد، بعد فترة مؤقته أدارها "عصام عبد المنعم" وتناسى فضيحة "صفر المونديال" بل أنه أتى بالمسؤول الأول عن هذه الفضيحة في منصب النائب، وفي تلك الحقبة توالت النجاحات التي حققها منتخب الساجدين بهذا الجيل الأسطوري تحت قيادة حسن شحاتة، إلا أن السقوط بدأ منذ فضيحة مباراة مصر والجزائر 2010 في السودان المؤهلة لكأس العالم، والتي تم إدارة ملفها بكثير من الافتعال والبروباجندا الكاذبة، مما وضع العلاقة المصرية الجزائرية على المحك، واختتمت في 2012 بكارثة بورسعيد -مسقط رأس ومهد السيد أبو ريدةـ والتي حدثت بين جماهير النادي المصري -الذي كان يلعب له نفس الشخص-، وجماهير الأهلي. بعد استقطاب غير مبرر، ولم يحرك ابن بورسعيد والنادي المصري ونائب رئيس اتحاد الكرة ساكنًا لنزع فتيل تلك الأزمة، التي أدت إلى كارثة راح ضحيتها 72 مشجع، لتنتهي فترة هذا المجلس الكارثي بالاستقالة.
من 2012 إلى 2016 – صبي أبو ريدة
وفي ظل الخروج المخزي الملطخ بالدماء لمجلس إدارة سمير زاهر، لم يكن هناك فرصة لنائبه للظهور على الساحة من جديد، ولكنه كان قد بلغ من السطوة والنفوذ في الاتحاد الأفريقي والمنظومة الكروية المصرية ما لا يكمن التغاضي عنه، فمهد الطريق لأحد صبيانه وتلاميذه "جمال علام"، لاعتلاء كرسي إدارة الاتحاد، ليظل أبو ريدة الرجل رقم "صفر" الذي يدير المنظومة من خلف الكواليس. ولكن في ظل انشغال أبو ريدة بتطلعاته وصراعاته في الاتحاد الأفريقي والدولي، وأيضًا في ظل الإدارة المرتخية للسيد جمال علام تداعت منظومة الكرة في مصر حيث فشل المنتخب الوطني في التأهل لخوض نهائيات أفريقيا سنوات متتالية، والتي كان يحتكر كأسها من قبل، وفي ظل تردي النتائج والفشل الإداري المتكامل ذهب "الصبي" غير مأسوف عليه، ليمهد الطريق للمنقذ الوحيد.
من 2016 إلى 2019 – الخروج المهين
ولم يكن المنقذ المذكور سوى أبو ريدة نفسه ومن جديد، ولكن هذه المرة في عباءة الرئيس، ولا أدري كيف تناست الجمعية العمومية إخفاق صفر المونديال، ومن بعده فضيحة مباراة أم درمان، ومن بعدها كارثة بورسعيد، ثم دور صبيه في تدهور سمعة الكرة المصرية، ليعودوا بالعامل المشترك الوحيد لكل هذه الكوارث على عرش المنظومة ككل، ليأتي بنجاح كبير هذه المرة وهو التأهل لنهائيات كأس العالم بعد الابتعاد عنها لعشرات السنين، ولكن الفرحة لم تكتمل بصراعات مع نجم الكرة الأول في مصر في هذا الوقت "محمد صلاح" حول استخدام اسمه وطريقة التعامل معه، ثم الخروج المخيب بل المخزي من كأس العالم، بعد فضائح الملابس والتذاكر، وتبعه السقوط المهين والغير متوقع لمنتخب مصر المدجج بالنجوم، في الدور الثاني في بطولة أمم أفريقيا التي كانت تنظمها مصر، لتطيح تلك السقطة المدوية بمجلس أبو ريدة ليستقيل بلا رجعة -كما ظن البعض-.
من 2019 إلى 2021 – لجان الصبيان
وخلال عقدين متتالين كان تواجد أبو ريدة في قمة الهرم الرياضي في مصر نافذة لإحراز المزيد من العلاقات التي كفلت له السطوة والنفوذ في كل انتخابات قارية أو دولية مما دعم منصبه في الكاف والمكتب التنفيذي للفيفا، وسهل له أيضا بعد انسحابه الشكلي من الساحة في مصر 2019 تعيين صديقه "عمرو الجنايني" على رأس لجنة خماسية لإدارة الكرة المصرية تبعتها لجنة ثلاثية، عين فيها صبيه الثاني وذراعه الأيمن "أحمد مجاهد" رئيسًا، ليظل هو طوال الوقت الرجل رقم "صفر". وذخرت تلك الفترة بالمشاكل وتراجع النتائج وتردي الأحوال والمجاملات، لتضيف سطرًا جديدًا من الفشل.
من 2021 إلى 2024 – عودة الصبي الضال
ووسط تطلع الناس لتغيير الوجوه ورغبتهم العارمة في التجديد، يفرض أبو ريدة صبيه الأول "جمال علام" من جديد على رأس الهرم الكروي في مصر، وسط دهشة الجماهير من عودة تلك الإدارة المرتخية، ولكنها لم تفاجأ بالكم الهائل من الفضائح والسقطات والمشاكل التي غرقت فيها الكرة المصرية، وهذه المرة اختار أبو ريدة ألا يظهر في المشهد على الإطلاق، ترك مجلس صبيه علام يغوص في الوحل، تمامًا كما فعل في المرة السابقة، ليأتي في دور المخلص ثانيةً، ويا ليتنا تعلمنا.
من 2024 إلى الآن – نفق مظلم
وها قد أتى المخلص، بنفس الطريقة ونفس السيناريو، دون أن يدرك أحد من الأفاضل في الجمعية العمومية المنوطة باختياره النفق المظلم الذي قادنا إليه على مدار ربع قرن، -أو أدركوا ولكن حينما تمتلأ البطون، تتغافل العقول-، وكما هو متوقع تجددت الكوارث واستشرى الفشل والفساد، شبهات في التحكيم، والتوجيه والمراهنات وضعف في الإدارة والتنظيم حتى لمباراة وحيدة، وعلى الرغم من فشله المشهود، يتطاول ليطلب ما لا يملك ولا يستطيع، حين طلب تنظيم إحدى مجموعات كأس العالم 2034 دون تنسيق مسبق مع أصحاب الشأن في السعودية أو المسؤولين في مصر، فشل يعلوه فشل، ولكنه بالتأكيد هو ناجح فقط في جمع الأصوات والتربيطات وربما بعض المنافع -بل الكثير منها-.
ربع قرن ندور في فلك أبو ريدة وصبيانه، ربع قرن من الفشل المشهود والتردي، حتى أصبحت المسابقات المصرية التي كانت في عداد الأقوى في الشرق الأوسط وأفريقيا من أضعف المسابقات، ربع قرن يتحكم في الوجوه والأشخاص والمصائر، ربع قرن بلا إنجاز حقيقي يذكر، ولو قارنا قيمة وجوده بقيمة وتأثير "لقجع" على الكرة المغربية لبان الفارق العملاق.
وهنا لا يجب توجيه السؤال لأبو ريدة وصبيانه لأنهم بالتأكيد منتفعين لن يعيرونا همًا، وبالتأكيد ليس للجمعية العمومية التي في الأغلب تبحث عن “عشوة وسيخ كفتة”، بل أوجهه لمن يسن القوانين الرياضية في الدولة، أما آن الأوان للوقوف في وجه هذا الفشل، أليس هناك من وسيلة لتغيير قانون انتخاب رأس أهم لعبة شعبية في مصر، أما آن الأوان لمنح حق الانتخاب لأهله بعيدًا عن الكفتة؟ ألم نكتفي من فشل طابونة ابن أبو ريدة؟ فقد ساروا بأحوال كرة القدم في مصر "خارج حدود الأدب".

مقالات ذات صلة
مدلس أول | خارج حدود الأدب
23 فبراير 2025 12:19 م
محمد سامي و"حرمه" مي عمر .. حكايات زوجات العاملين
16 فبراير 2025 11:06 م
تقديس إبليس | خارج حدود الأدب
06 فبراير 2025 09:48 م
خارج حدود الأدب| إدارة الخطيب.. بين التهليل والتضليل!
27 يناير 2025 12:50 م
أكثر الكلمات انتشاراً