
عن مستقبل منتخب مصر
"معانا نجوم ليفربول ومانشستر سيتي، دي هتبقى سواد على الكل"، كان ذلك هو "المانشيت" الأبرز الذي تداولته صفحات الرياضة عبر منصات التواصل الاجتماعي بعد فوز مصر الأخير على إثيوبيا بهدفي محمد صلاح وأحمد سيد زيزو، ورغم أن الجملة تعبر عن فرحة مستحقة وفخر لم يكن يحلم به أحد منذ عقد، لكن الوجه الآخر من الحقيقة هو سؤال هل نعتمد في منتخب مصر على لاعبين فقط؟، أم أن هناك رؤية فعلا للفراعنة خلال السنوات المقبلة والتي ستشهد مشاركة في أمم أفريقيا وأخرى إن شاء الله في كأس العالم 2026.
الإجابة عن السؤال تستلزم العودة إلى مارس 2024 ووقتها لم يكن مر الكثير على تولية الكابتن حسام حسن لمنصب المدير الفني للمنتخب، وصرح آنذاك أنه يعمل على النزول بأعمار اللاعبين لتصبح بين 24-26 عام وهذا طبيعي لأن هذا الجيل سيكون مطلوبا منه حمل المنتخب للعقد المقبل، لكن بعد عام عاد السؤال مرة أخرى هل نجح "العميد" فيما قاله؟
استعراض نجوم الفراعنة في آخر مباراة وهي تشكيلة شبه ثابتة لدى حسام حسن توضح أن هذا لم يحدث، فالتشكيلة ضمت رامي ربيعة وحمدي فتحي ومحمود تريزيجيه وهؤلاء يبلغون الثلاثين، ثم زيزو ومحمد هاني كلاهما 29 عاما، ومروان عطية وعمر مرموش كلاهما 26 عاما، والأصغر هو أسامة فيصل 24 عاما، بجانب النجم العالمي محمد صلاح 33 عاما.
تلك التوليفة مع نجم أكثر أو أقل تشير إلى أن أقل عمر لاعب في منتخب مصر 24 عاما وهو واحد فقط و2 يبلغان 26، والباقي ثلاثين فما فوق، وهنا أنا لا أصادر حق هؤلاء أو اتهمهم بالتقصير أو تراجع الأداء، فنجم مثل محمد صلاح يقدم أفضل مواسمه العالمية وهو في سن الـ33، ولا أطالبهم أيضًا بأن يستمروا بنفس الجودة لأن هذا ضد طبيعة الأشياء، لكن سؤال وماذا بعد هؤلاء، ما هو مستقبل المنتخب في ظل قيادة حسام حسن أو حتى مع تغييره.
منذ 15 عاما تقريبًا ونحن نعاني، نلعب بالمتاح والموجود دون أي فكر أو مستقبل للمقبل، الجميع لعبوا بالمتاح لديهم وشاهدنا ذلك مع مدربين كثر أبرزهم هيكتور كوبر الذي اعتمد خطة دفاعية من الألف للياء لأن ذلك جودة اللاعبين، وإن كان هذا أحسن حظًا بالوصول إلى كأس العالم، لكن الحقيقة إنه لم يضف شيئًا ولم يقدم جديدا أو يبني رؤية يقوم عليها المنتخب لسنوات مقبلة، وهو ما تكرر مع مدربين آخرهم كابتن حسام حسن الذي تعامل مع المتاح دون أي إضافة رغم حديثه كما ذكرنا عن الخطط والرؤية.
بالطبع يلجأ المدربون إلى تلك الطريقة لأنها طريقة آمنة بالنسبة إليهم، فهم لا يخاطرون بلاعبين جدد يتحملون مسئوليتهم وقت الخطأ، كما لا يريدون تحمل المسئولية كاملة، إذ أن أبسط رد الآن لأي مدير فني "هذا هو المتاح"، وبالتالي لا يلقى باللوم عليه بل بالمنظومة التي أخرجت لاعبين هكذا.
كما أن تلك الطريقة تدفع المدير الفني إلى اللعب بلاعبين يعرفهم جيدًا ومتمرسون في الملاعب ولديهم خبرة دولية، ولن أبالغ حين أقول إن نتائج تلك الطريقة في الغالب إيجابية لكنها مؤقتة، بمعنى أنه قد تؤمّن لك بطولة أو تحصد من خلالها لقبًا، لكن هذا آخر ما يمكن إنجازه.
أما الطريقة الثانية هي الأصعب والأكثر مخاطرة لأنها تعتمد على لاعبين جدد ولا يعرفهم كثيرون وينتج عنها أيَضًا استبعاد لاعبين نجوم قد يجلبون هجوما كبيرا على أي مدير فني، خاصة إن خسر أو تعثر، وللتقريب فإن تلك الطريقة هي التي اتبعها كارلوس كيروش حين تولى مسئولية منتخب مصر، وجاء بمحمد عبد المنعم وعمر مرموش وغيرهم، تلك الطريقة أيضًا لا تؤمن لقبًا سريعًا أو بطولة مثلما حدث في نهائي أمم أفريقيا الذي خسره "كيروش"، لكنها على المدى الطويل الأفضل لأنه بعد عامين صار من اكتشفهم كيروش نجوم المنتخب، بل وضمن نجوم العالم مثل "مرموش" الذي نتغنى به الآن، ومقابل ذلك تحمل "كيروش" الهجوم الضاري.
متى نستخدم طريقة ونترك أخرى، هذا يعود إلى المدير الفني وطريقته وأسلوبه، لكن هناك ظروف قد تفرض عليك طريقة بعينها، فإذا كان أعمار المنتخب صغيرة فأنت لست محتاجا لاكتشاف لاعبين جدد، أما في حالة منتخبنا الذي وصل إلى الثلاثين تبقى الطريقة الثانية هي الأمل الأخير لإنجاز شيء خلال العقد المقبل، فهل سيملك "العميد" الجرأة للنزول بمعدل الأعمار كما وعد؟، وإن كان يملك الجرأة فالسؤال متى، لقد مرّ حتى الآن أكثر من عام وكلها أشهر ونخوض البطولات القارية والعالمية إن شاء الله.

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة
عن المنظومة والتحكيم في أوروبا والدول المتقدمة
15 مارس 2025 05:27 م
قمة حسم الدوري
09 مارس 2025 02:37 م
موسم الفرص الضائعة
25 فبراير 2025 12:59 م
لماذ أحببنا علي معلول؟
29 يناير 2025 01:44 م
أكثر الكلمات انتشاراً