الجمعة، 20 سبتمبر 2024

06:53 ص

رفح... قلوب دامية ومواقف مخزية !

قلوبنا تدمي ونحن نشاهد ما يتعرض له أهلنا في غزة من عمليات إبادة ممنهجة تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بكل وحشية. 
ما شهده التاريخ من مجاذر ومذابح سابقة وصل إلينا عن طريق شهادات سماعية ومؤرخين، لكننا نحن المكلومون البائسون نرى ما يحدث هذه المرة بأعيننا، فيما يقف العالم إما متواطئًا شريكًا في استهداف مدنيين أبرياء بأسلحة فتاكة، أو عاجزاً عن ردع المعتدي الإسرائيلي!!
وفي هذه الفترة القاتمة من تاريخ البشرية، ينتظر أكثر من مليون و300 ألف فلسطيني مصيرًا دمويًّا بعد حشرهم في محافظة رفح التي لا تتعدى مساحتها 151 كيلو متر مربع، بعد دفعهم تحت القصف والقتل والتدمير إلى الشريط الحدودي مع مصر، قبل أن تعلن إسرائيل عزمها المضي لتنفيذ اجتياح بري، يتوقع الجميع أن يؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن ان يستوعبها ضمير أو تتحملها مشاعر!!
وفي وسط هذا المأساة خرج علينا المسن المخرف جو بايدن الذي تبنى الموقف الإسرائيلي منذ بداية الحرب، بل وأرسل قواته وعدته وعتاده العسكري ليدعمها في عمليات الإبادة الجماعية، ليرمي بالتهم على مصر، رغم إشادة بلاده سابقاً بالدور المصري في إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة!!
في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ المنطقة والعالم، لسنا في مجال الدفاع عن موقف بلادنا الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وما يفعله بايدن ورفاقه ذوي الأيادي الملوثة بدماء الأبرياء محاولة مكشوفة لإبعاد العار عن أنفسهم وإلقاء التهم على الآخرين.
مصر لم تغلق معبر رفح إلا في وجه الأمريكيين بداية الحرب، حين أصرت على أن خروج أي رعايا من القطاع مرهون بإدخال المساعدات إلى القطاع، وقدمت ما يزيد على 80% من المساعدات العالمية لأهل غزة، مدركة أن المعبر هو المنفذ الوحيد لأشقائنا هناك..
والآن ونحن نقف على أعتاب مجرزة جديدة ستكون أكثر دموية من سابقاتها، نسأل إلى متى يستمر هذا الموقف العالمي المخزي، الذي لا يتجاوز شجب من هنا وإدانة من هناك، في ترسيخ مفضوح للكيل بمكيالين، وتأكيد على أنه ليس كل الدم سواء!!
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حذر من تبعات الهجوم مؤكداً أنه سيكون كارثة إنسانية لا توصف، وتوالت التحذيرات المماثلة من استهداف مدينة رفح لأنها الملاذ الأخير لمئات الآلاف من الأبرياء الذين اجبرهم العدوان الوحشي على النزوح من أراضيهم، لكن إلى متى يقتصر رد الفعل على مجرد التحذير، وأين ضمائركم؟!
لقد تحولت الحياة على سطح هذا الكوكب إلى واقع عبثي بالغ القتامة والسواد، ولا أخفيكم قولاً، تضاءل الشعور بالأمان، وغابت الابتسامة وضلت الفرحة طريقها إلى قلوبنا، في ظل ما يعرض علينا يومياً من مئات المشاهد لأطفال يذبحون بدم بارد، ونساء ورجال أبرياء لم يرتبكوا ذنباً في حياتهم سوى وجودهم في هذه البقعة البائسة من العالم!!
وفي ظل هذه المأساة الإنسانية لا نملك سوى الالتفاف حول بلادنا، فنحن على تماس مباشر بهذه الكارثة الإنسانية، ولا يخفى على أحد هدف إسرائيل من الهجوم على رفح في الجنوب بعد أن دمرت شمال القطاع، إذ ليس من المنطقي أنها ترغب في تحريكهم من الجنوب إلى الشمال مجدداً، وهذا يقودنا إلى سيناريو واحد قائم على مخطط تهجيرهم إلى سيناء، الأمر الذي نرفضه نحن وأشقاؤنا الفلسطينيون، ولا يمكن أن يجبرنا عليه أي طرف.
مصر لن تقف مكتوفة الأيدي، وموقفها من بداية العدوان ليس محل مزايدة من أحد، وما لا يعلن دائماً من جانبنا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أهم كثير مما يعلن، ومن ثم لا يمكن أن نفقد الثقة في قيادتنا مدركين أن ما تمر بها المنطقة بشكل عام، والأراضي الفلسطينية على وجه الخصوص، اختبار صعب لم نشهده منذ حرب أكتوبر المجيدة، لذا يدور حديث داخل الأوساط الإسرائيلية على أن مصر هددت بتعليق معاهدة السلام، وهذا ليس له سوى معنى واحد فقط، أننا لم ولن نكتفي بالمشاهدة، وتقبل ما يفرضه علينا الآخرون..
القيادة المصرية يمثلها الرئيس عبدالفتاح السيسي تتصرف حتى الآن بحكمة وإنسانية، محاولة احتواء كارثة لن تمحى من ذاكرة التاريخ، لكن أعتقد أن للصبر حدود، وللحليم وجه آخر إذا غضب..

search