الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:44 م

إيهاب ونيرة .. ناقوس خطر!

يسود الشر كسحابة سوداء تلقي بظلالها القاتمة علينا، فتحولنا إلى وحوش يفتك بعضها بالآخر، دون أن يرف لهم جفن!
تمنيت كثيراً ان يقتصر الشر على هؤلاء الأوغاد الذين يحكمون العالم حالياً، ويعيثون في الأرض فساداً وقتلاً وتدميراً وتشريداً وتجويعاً، وتعذيباً، لكنه للأسف ينتقل تدريجياً مثل طاعون إلى الفئات الأقل في المجتمعات، يتسلل بطريقة مرعبة من طبقة إلى أخرى حتى يكاد أن يلتهم ما تبقى في نفوسنا من خير!
طبيعة الجرائم التي تشهدها مجتمعاتنا حالياً، تعكس حجم الخلل الذي أصاب أعز ما تملك من ضمائر، وتدق ناقوس الخطر بأن القادم أسوأ وأكثر رعباً!

إيهاب أشرف
حين نستيقظ  على جريمة قتل وحشية لطالب الثانوية العامة إيهاب أشرف، ونكتشف أن القاتل معلمه الذي أضاف إلى جريمته تقطيع جثة الضحية إلى أشلاء، فيجب أن نسأل أنفسنا، ما الذي حدث للمجتمع المصري؟
وهل هناك من يدرس سيكلوجية هؤلاء المجرمين، فبغض النظر عن كون المتهم شاب في مقتبل عمره، إلا أن ما ارتكبه مفزع، وغير معتاد على الإطلاق، بالنظر إلى أنه ليس عتيد الإجرام أو من أصحاب السوابق، وهذا يعكس تحولاً خطيراً في سلوكيات المجتمع بشكل عام!
المتهم لا يزال طالباً في السنة النهائية بكلية التربية قسم الفيزياء بجامعة المنصورة، لكنه يعمل مدرساً خصوصياً لطلبة الثانوية، وهذا يعكس نوعاً من الدأب في الحياة، لكن أن يتحول شخص بهذه المواصفات إلى قاتل يذبح ويمزق جسد ضحيته بهذا الدم البارد أمر لا يمكن استيعابه أو تجاوزه بسهولة!
نيرة الزغبي صلاح
ليست الجريمة الأولى من نوعها، وهذا أمر مزعج ومؤسف وخطير، فالشابة الجميلة هادئة الملامح، قررت أن تنتحر بعد تعرضها لابتزاز حقير من زميلات وزملاء لها بالجامعة حسب التحقيقات الأولية، وربما تخفي كواليس هذه الجريمة تفاصيل أكثر خطورة!
وبصفتي رجل قانون لا يمكن أن أقفز إلى النتائج، لكن بالله عليكم ماذا يحدث؟!
إن المعلومات التي حصلنا عليها وانفرد بها "تليجراف مصر" صادمة بكل المقاييس، خصوصاً فيما يتعلق بسلوكيات المتهمة الرئيسة في هذه الواقعة، زميلة الضحية التي مارست بحقها أسوأ أنواع الانتهاك الجسدي، ثم الابتزاز، بداية بتصويرها أثناء الاستحمام، ثم تهديدها بنشر الصور ما دفع الفتاة المسكينة طالبة الطب البيطري بجامعة العريش إلى الانتحار - وأكرر حسبما ورد في التحقيقات حتى الآن!
والكارثي في هذه الواقعة أن مسؤولي الجامعة والمدينة السكنية الخاصة بها أصابهم الخرس لأيام بعد الواقعة، وكأنهم بمعزل عن الجريمة التي وقعت في حرمهم الجامعي، ومن الضرروي محاسبتهم بشدة!!
حذرت مرارا وتكراراً من الابتزاز والتنمر، وكتبت سابقاً عن واقعة الطفلة التي عثرت عليها أمها مشنوقة صباحاً بحبل علقته في سطح المنزل، بعد أن قررت الانتحار هرباً من مضايقات زملائها في المدرسة، 
ولا يمكن أن ننسى بالطبع صدمة انتحار الطالبة بسنت خالد، بعد تعرضها لابتزاز إلكتروني من قبل شباب في قريتها لاحقوها بصور مخلة، ولم تجد دعماً يذكر من أسرتها أو القريبين منها!
التحقيقات ً في واقعة انتحار الطالبة نيرة صلاح تجري بشكل جيد، ما يعكس إدراك الدولة لخطورة الجريمة، خصوصاً فيما يتعلق بإيقاف والد الطالبة المتهمة بالابتزاز عن العمل كضابط شرطة لضمان نزاهة التحقيقات، لكن الأمر برمته يحتاج إلى أكثر من ذلك..
بالله عليكم، حافظوا على أبنائكم، وكونوا أكثر قرباً منهم، فالمجني عليها والجانية في هذه الجريمة ضحيتان لأفكار بالية وثقافة منحطة تسود للأسف في المجتمعات الملتزمة ظاهرياً فقط، فلو آمنت نيرة صلاح بأنها سوف تجد الدعم والمساندة إذا واجهت مبتزيها وأبلغت عنهم الشرطة، ما لجأت إلى الانتحار هرباً من ذنب لم ترتكبه وهو تصويرها عارية!

هناك خلل كبير في التركيبة النفسية للمجتمع، وتعرض الوازع الأخلاقي كما يبدو لتشوهات مخيفة، أسفرت عن هذه الجرائم البشعة، ومن ثم يجب أن تكون هناك وقفة قوية، ليس على المستوى الأمني والقضائي فقط لردع مرتكبيها، لكن من خلال توعية المجتمع بحملات منظمة ومدروسة، تعزز ثقافة الأسرة وقدرتها على تربية أبناء أقوياء قادرين على مواجهة الابتزاز بكل شجاعة.
يجب أن نعزز صلابة أبناءنا وبناتنا، ونؤكد لهم أن من الوارد وقوعهم في خطاً يعرضهم للابتزاز، لكن لا يجب عليهم الخضوع للمبتز بأي حال من الأحوال،  حتى لا نستيقظ على خسارة فلذات أكبادنا بهذا الطريقة الموجعة..

search