السبت، 05 أكتوبر 2024

05:04 م

مصطفى شوبير.. ووالده

من أجمل المشاهد بعد مباراة القمة - المزعومة- بين الأهلي والزمالك ، العناق الدافئ بين مصطفى شوبير حارس مرمى الأهلي ووالدته.
يا الله ما أجمل الأمهات، بمشاعرهن الصادقة وتفانيهن من أجل أبنائهن..
تشعر حين ترى أم مصطفى، أنها كانت تحت ضغوط تضاعف ما مر به ابنها، وهذا عبء ثقيل على القلب والأعصاب، خصوصاً حين يتحمل هذا الشاب طوال الوقت جريرة كونه ابن نجم رياضي وإعلامي من العيار الثقيل مثل أحمد شوبير..
بكل أمانة أصبح الحديث عن أبناء العاملين ماسخاً سخيفاً، خصوصاً حين يتحول إلى نوع من التنمر والترصد وتمني حدوث الأخطاء.


ودعونا في البداية نتفق على أسس جوهرية لا يمكن أن يختلف بشأنها إنسان سوي، وهي أن المحسوبية آفة تهدم دولاً وليس مؤسسات فقط، والاختيار وفق اعتبارات القرابة وغيرها أمر وضيع ومنحط ويعكس فساد نفس وضمير!
تربية بطل في أي مجال ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، ولعبة مثل كرة القدم يمكن أن تحتمل الوساطة والمحسوبية لفترة من الوقت، لكنها لا يمكن أن تصنع لاعباً، خصوصاً في فرق كبرى مثل الأهلي والزمالك المحصنة بجماهير غفيرة وعنيفة وذواقة!
لقد تابعت ما كان يقال في البداية عن مصطفى شوبير، وحين شاهدت أول مباراة له، أدركت أنه مشروع نجم حقيقي دون مبالغة على الإطلاق، فالشاب يتمتع بسمات رائعة، مثل الثبات الانفعالي، والاتزان، والهدوء في التعامل مع المواقف الصعبة، فضلاً عن امتلاكه بنية جسدية جيدة، -نمسك الخشب- بالإضافة طبعاً إلى موهبة ملموسة كحارس مرمى، يتحرك جيداً في منطقته، ويجيد اللعب بقدميه..
لقد شاهدت مصطفى شوبير بعين المشاهد المجرد، دون أهواء أو أحقاد لا أتفهم سبب سيطرتها على كثيرين ليس لهم علاقة من قريب أو بعيد بشوبير الأب والابن، لكنهم غاضبون وناقمون دون مبرر أو دافع!
وبالمناسبة هذا سلوك يستحق الدراسة، فضيق الرزق والفشل يولدان حالة من الغضب ويحولان صاحبهما إلى عدو لكل ناجح، ويتضاعف ذلك مع اتساع الفجوات بين طبقات المجتمع!
ومن الغريب في الأمر حين نتناول حالة مصطفى شوبير بقدر من الشفافية، أنك حين تتحدث الآن مع كارهيه دون سبب، والمقللين -سابقاً- من موهبته وإمكانياته، يقولون لك على مضض "لا شك أنه حارس مرمى جيد، لكن مشكلته في والده!!
ولا أفهم أيضاً ما هي مشكلة البعض مع أحمد شوبير، بغض النظر عن انتمائه للأهلي، فالرجل صاحب مسيرة كروية ناجحة بكل المقاييس، وأحد أفضل حراس المرمى في تاريخ مصر، وحين اعتزل شق طريقاً صعباً في الإعلام، وأزعم أنه رائد في مجاله، 
وبغض النظر عن استلطاف البعض له من عدمه، أراه جيداً في إدارة الحوار مع ضيوفه، لا يقاطعهم بسخافة أو يفرض وجهة نظره، ويسأل دائماً عما يدور في أذهاننا من تساؤلات..
الخلاصة أن الأب ناجح بنفسه، والابن يشق طريقه بثبات - وفقه الله وحماه- هو وكل الموهوبين في الرياضة وغيرها ببلادنا..
وأعتقد أن مصطفى شوبير ظلم في تجمعات لمنتخبات كان جديراً بتمثيلها في مراحل عمرية، لمجرد تخوف المدربين من ابتزازهم بادعاء مجاملة  "أبناء العاملين"
وأنتقل هنا إلى الفكرة بشكل عام، ففي أوقات كثيرة يبدو النقد موضوعياً، حين يتعلق بتعيينات أبناء أصحاب وظائف مرموقة مثل القضاة وأساتذة الجامعات وغيرهم، وهذا جرم - كما اتفقنا- عظيم، وعلاجه الوحيد تطبيق معايير واضحة وصارمة، دون النظر إلى مكانة الأب أو وظيفته، لأن بعض المهن لا يمكن تمييز الأفضل فيها دون اشتراطات محددة، مثل التفوق في الدراسة وتجاوز اختبارات بدنية وعلمية وشخصية!
أما المهن التي تظهر في النور، فدعوا الافضل يفرض نفسه دون تشكيك أو أحكام مسبقة، ولا يمكن ان ننكر أن حازم إمام من أساطير نادي الزمالك وموهبة طالما استمتعنا به دون النظر إلى كونه ابناً لأب وجدٍ رائعين في المجال ذاته، ولم يصفه أحد حين كان يصول ويجول في الملاعب بأنه من أبناء العاملين..
وقس على ذلك أبناء بعض الفنانين، مثل احمد صلاح السعدني فهو شاب رائع وموهوب وخفيف الدم، وكذلك النجمة الرائعة حنان مطاوع، وكريم محمود عبدالعزيز، فهؤلاء جميعاً فرضوا أنفسهم بقدراتهم وليس بعلاقات ذويهم..
دعونا ننظر للآخرين بإنصاف وتقدير، ولا نروج للكراهية والاستخفاف والتحقير فهذا سلوك مشين يعكس وضاعة صاحبه واضطرابه النفسي ..  وفق الله أبناءنا جميعاً إلى الأفضل..

search