الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:06 م

قانون أوكراني مثير للجدل.. تجنيد إجباري لـ500 ألف شخص

جنود أوكرانيين

جنود أوكرانيين

أحمد سعد قاسم

A A

لم تكن خسائر أوكرانيا في حربها مع روسيا مادية فقط، لكن تعاني كييف من خسائر كبرى في صفوف جنودها مما أدخلها في دوامة جديدة تدور حول “كيف نعوض النقص في الجنود؟”.

ومن خلال قانون التعبئة الجديد - المقرر طرحه للتصويت البرلماني الأوكراني في 31 مارس المقبل - إلى تحديث الإطار القانوني للبلاد قبل موجة كبيرة ستشهدها أوكرانيا من التجنيد الإجباري هذا العام والتي يمكن فيها تجنيد ما يصل إلى 500 ألف شخص، وفق فايننشال تايمز.

ووفق الصحيفة ذاتها قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن قانون التجنيد يهدف في الغالب إلى استبدال القوات المنهكة - التي يقدر عددها بنحو 330 ألف جندي - الموجودة حاليًا في ساحة المعركة.

خفض سن التجنيد

لكن البعض يرى أن القانون بات مثيرا للجدل، حيث قدم المشرعون الأوكرانيون أكثر من 4000 تعديل على المسودة الأولى له. 

وعندما شنت روسيا غزوها واسع النطاق عام 2022، تطوع العديد من الأوكرانيين للدفاع عن بلادهم. 

لكن هذه المجموعة استنفدت، وأصبحت نسبة كبيرة من الرجال في سن القتال غير راغبين في الانتشار في الجبهة.

وحتى الآن، لم يتم تجنيد سوى الرجال الذين تبلغ أعمارهم 27 عامًا أو أكثر، وكان الرجال الذين يخدمون في ساحة المعركة في الأربعينيات من عمرهم في المتوسط. 

وتفتقر أوكرانيا على عكس دول عديدة لجيل الشباب نظرا لانخفاض معدلات المواليد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

وكان خفض سن التجنيد إلى 25 عامًا من ضمن الإقترحات المطروحة للنقاش لكنه لاقى رد فعل عنيف من السياسيين الذين يرون أنه سيكون بمثابة انتحار للدولة أن ترسل أصغر أبنائها إلى الخنادق في الوقت الذي تحتاج إليهم فيه لزيادة عدد المواليد.

احصائية عن عدد المجندين 

مقتل 31 ألف جندي

وفي أول تصريح علني عن ضحايا الحرب، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشهر الماضي، إن 31 ألف جندي لقوا حتفهم حتى الآن. 

ومن المرجح أن يتجاوز العدد الحقيقي ذلك، حيث قدر العديد من المسؤولين الأمريكيين في السابق أنه أكثر من ضعف الرقم الذي أعلنه زيلينسكي على الأقل.


وتظهر البيانات المتعلقة بالسكان الذكور في أوكرانيا، التي شاركتها لجنة الاقتصاد البرلمانية، أنه من بين 11.1 مليون رجل أوكراني تتراوح أعمارهم بين 25 و60 عاما، فإن ما يقدر بنحو 3.7 مليون فقط هم المؤهلون للتعبئة. 

أما الرجال الآخرون فهم إما مقاتلون أو معاقون أو في الخارج أو يعتبرون عمالًا أساسيين لا يمكن الاستغناء عنهم.

وتدرك السلطات الأوكرانية أيضًا الحاجة إلى التعامل بحذر لتجنب دفع المواطنين دافعي الضرائب إلى الفرار إلى الخارج أو الاختباء، مما يحرم كييف من الإيرادات التي تحتاجها بشدة.

وجدت دراسة استقصائية أجرتها Info Sapiens، وهي منظمة أوكرانية للأبحاث الاجتماعية، في فبراير، أن 48% من الرجال لم يكونوا مستعدين للقتال.
 

مجنود في الجيش الأوكراني

منع من المغادرة

منذ عام 2022، مُنع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 27 و60 عامًا من مغادرة البلاد، مع بعض الاستثناءات لأسباب طبية أو لمقدمي الرعاية الوحيدين للأطفال أو أفراد الأسرة ذوي الإعاقة.

بصرف النظر عن الخوف من الموت والإعاقة، وفقًا لدراسة Info Sapiens، كانت المخاوف الرئيسية لأولئك الذين يسعون إلى تجنب التعبئة هي عدم كفاية التدريب، ومدة الخدمة غير الواضحة، ونقص الأسلحة والذخيرة.

ويسعى قانون التعبئة الجديد إلى معالجة هذه القضايا. 

وتقترح المسودة الأولية مدة خدمة تصل لـ3 سنوات وتدريب لا يقل عن 3 أشهر. وبدأت بعض الألوية في الإعلان عن إمكانية اختيار المتطوعين لوظائف تتناسب مع مهاراتهم، في محاولة لتعزيز عملية التجنيد.

تأخير المساعدات

لكن التأخير في المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي أجبر الجنود على تقنين الذخيرة والانسحاب من مواقع الخطوط الأمامية، هو خارج عن سيطرة المشرعين الأوكرانيين.

وقال أنطون هروشيتسكي من معهد علم الاجتماع في كييف، وهي شركة أبحاث تسويقية: "لدينا الكثير من الأشخاص الذين هم على استعداد للقيام بذلك، ولكن العامل المثبط هو هذا السياق العام - عندما يتوقف الأوكرانيون عن الشعور بالدعم الموثوق به من الغرب".

وقال هروشيتسكي، إن نصف الـ 90 في المائة من المشاركين في استطلاع Info Sapiens، الذين قالوا إنهم يعتقدون أن أوكرانيا يمكن أن تنجح بدعم من الحلفاء الغربيين، يعتقدون الآن أن الغرب متعب وسيدفع أوكرانيا إلى تسوية مع روسيا.

ويسعى القانون الجديد إلى إلزام الرجال بالتسجيل عبر بوابة إلكترونية. 

وقد يؤدي عدم القيام بذلك إلى عقوبات لم يتم تحديدها بعد. ومن المرجح أن يخضع المتهربون لزيارات منزلية من ضباط التجنيد العسكري، كما سيتم تعليق رخص قيادتهم، وفقًا للبرلمانيين المشاركين في المسودة النهائية.

الاحتياطي الاقتصادي

ولعل الجانب الأكثر إثارة للجدل في التغييرات هو إدخال ما يسمى بنظام الاحتياطي الاقتصادي، والذي من شأنه أن يعفي الرجال الذين يعتبرون حاسمين في الاقتصاد. 

وكان من المفترض أن يتم تضمين هذا النظام في القانون الجديد، ولكن نظرًا للضجة التي أثارها، سيتم الآن تقديمه بشكل منفصل، إما عن طريق مرسوم حكومي أو تشريع جديد.

يوجد في أوكرانيا بالفعل ما بين 550.000 إلى 700.000 عامل أساسي معفيين من التعبئة. 

وبموجب النظام الجديد، سيتعين عليهم المساهمة في المجهود الحربي ماليا، إما عن طريق تحويل جزء من رواتبهم أو من خلال ضريبة شهرية.

ورفض رئيس الوزراء دينيس شميهال، تقديم تفاصيل الأسبوع الماضي، لكنه قال إنه "يجب تقسيم الناس إلى فئتين: أولئك الذين يقاتلون وأولئك الذين يعملون لملء الميزانية".

وقال أولكسندر زافيتنفيتش، رئيس لجنة الدفاع البرلمانية، الذي يشرف على مشروع القانون، إن المسؤولين بحاجة إلى “توخي الحذر بشأن الطريقة التي نتحدث بها عن هذا الأمر، وهناك حاجة إلى كل قرش، ولكن يجب أن يكون جزءًا من مناقشة واسعة النطاق”.

search