الخميس، 21 نوفمبر 2024

09:37 م

ماذا حدث في الإمارات؟

في مطلع الأسبوع الجاري، انطلقت تحذيرات رسمية من عاصفة استثنائية وتقلبات حادة في الطقس تشهدها دولة الإمارات بداية من يوم الثلاثاء، وصدرت تعليمات بتحويل الدراسة والعمل إلى المنزل عن بعد، وتفادي الخروج في ظل هذه الظروف.
واعتقد جميع سكان الإمارات أن الأمر لن يختلف كثيراً عن منخفض جوي شهدته البلاد خلال الفترة الأخيرة، صاحبه هطول الأمطار بغزارة، لكن الوضع كان استثنائياً هذه المرة، وشهدنا ما لم نره من قبل، فدون أي مقدمات حل الظلام فجأة في منتصف النهار..
سحابة خضراء غطت سماء دبي، خصوصاً في الجزء الجنوبي تجاه العاصمة أبوظبي، اختفت المباني والأبراج المقابلة، أصوات رعد قوية، مع برق شديد ورياح قوية وأمطار تهطل بغزارة، ولا أخفيكم قولاً أن الوضع كان مخيفاً بعض الشيء، في ظل عدم اعتياد سكان الدولة على ظروف جوية مماثلة، وهو ما يدفعنا إلى ضرورة النظر بجدية إلى المتغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد العالم أجمع.
ما لا يفهمه كثيرون أن دولة الإمارات تتمتع ببنية تحتية استثنائية، مقارنة بأكثر الدول تقدماً ورفاهية، لكن مثلما تشهد بلدان عظمى حين تتعرض لأعاصير أو عواصف مماثلة، كان طبيعياً أن ترتبك الأمور، فكميات الأمطار التي شهدتها الإمارات خلال أفل من 24 ساعة كانت الأكبر منذ 75 عاماً، وما تعرضت له دبي على مدار 12 ساعة يقارب ما تسجله عادة خلال عام كامل.
شاهدنا جميعاً فيديوهات وصور لسيول ومناطق غمرتها المياه بالكامل، لكن هناك زاوية أخرى للصورة يشاهدها فقط من يعيش منذ سنوات في هذه الدولة، زاوية يدرك من خلالها قدرة حكومتها الفائقة على التعامل مع الطوارئ، من خلال هيئة وطنية لإدارة الازمات والكوارث، ودوائر فيدرالية في كل إمارة يبذل رجالها كل ما بوسعهم لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها بسرعة بالغة، وكلهم يعملون تحت راية واحدة ومتابعة ميدانية من رأس الدولة..
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي غرد عبر حسابه في منصة إكس قائلاً ""نحمد الله على نعمته وفضله بسلامة الجميع في دولة الإمارات نتيجة الحالة الجوية الاستثنائية التي مررنا بها.. بلادنا في خير وسلامة بمتابعة وحرص وقيادة أخي رئيس الدولة حفظه الله.. وبجهود الفرق المخلصة من مواطنين ومقيمين التي تواصل الليل بالنهار".
شتان بين قيادة تنزوي وراء الأحداث، وأخرى تتصدر المشهد في اللحظات الاستثنائية، وهذا أمر معتاد هنا دون مبالغة أو تجمل، ولا يمكن أن يغيب عن الذاكرة الرسالة الإنسانية المؤثرة التي أبكت المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة خلال جائحة كورونا، حين كان العالم يعيش في حالة رعب وفزع وقلق وتوتر من الحاضر والمستقبل، لخصت في كلمتين " لا تشيلون هم" معلقاً على موقف فريد من نوعها حين أنشد المقيمون في الدولة وقوفاً في شرفاتهم النشيد الوطني لدولة الإمارات.
قرأت بعض التعليقات والتغريدات السلبية عن الوضع في الإمارات بسبب الاضطرابات المناخية، وهذا سلوك متكرر يعكس حالة حقد غير مبررة على دولة، تعد قبلة لجميع الجنسيات، ويقطن بها فعلياً أكثر من مائتي جنسية قدموا إليها حاملين طموحات وأحلام يتحقق معظمها في ظل ما توفره من فرص عادلة وحياة آمنة مستقرة..
أجزم أن هذا ليس شعوري أو رأيي بمفردي، لكنه إحساس عام لكل من يعيش في دولة الإمارات، إذ تستحوذ على وجدانك كاملاً، فهناك اوطان تسكنك حين تقدر إنسانيتك وتحميك وتحصن مستقبلك وأمنك المادي والاجتماعي، وأخرى تسكنها بجسدك فقط، وتتمنى مغادرتها في اقرب فرصة..
أفخر دائماً بانتمائي إلى وطنين دافئين رائعين، مصر والإمارات، ففيما تحتضن الأولى ملايين الضيوف من الأشقاء العرب بكل حب ورعاية، تعد الثانية أيقونة العمل الإنساني والخيري في العالم، وتفتح ذراعيها بمحبة للجميع، حفظ الله مصر والإمارات وأدام عليهما نعمة الأمن والأمان ..

search