الجمعة، 20 سبتمبر 2024

09:27 ص

صندوق النقد يستنزف زبائنه برسوم الديون.. أعباء تحاصر مصر

شعار صندوق النقد

شعار صندوق النقد

ولاء عدلان

A A

يواجه صندوق النقد الدولي خلال الفترة الأخيرة ضغوطا متصاعدة لإعادة النظر في سياسة الرسوم الإضافية التي يفرضها على بعض الدول التي تقترض أكثر من حصتها لديه أو تستغرق وقتا أطول لسداد ديونها، وتأتي مصر في المركز الثالث في قائمة أكبر الدول دفعا لهذه الرسوم المثيرة للجدل. 
في وقت سابق، تعهدت مجموعة العشرين بأن تجعل قضية أعباء الرسوم الإضافية لقروض الصندوق على رأس أولوياتها ضمن مساعيها لإصلاح النظام المالي العالمي.

قال الصندوق، في بيان مطلع الشهر الحالي، إن عددا من من أعضاء مجلس إدارته منفتحون على إعادة النظر في سياسات الرسوم التي تفرض تلقائيا منذ 1997 على أي دولة يكون رصيدها من حساب الموارد العامة للصندوق مساويا أو أعلى من 187.5% من حصتها.  

الفائدة تشعل الرسوم الإضافية

يعتزم الصندوق مناقشة مسألة الرسوم الإضافية هذا الصيف، وربما في يونيو المقبل، وفق ما أفاد تقرير حديث لوكالة بلومبرج، وقد يقدم مجلس إدارة الصندوق خيارات لتقليل الأعباء المترتبة على الدول المقترضة جراء هذه الرسوم، إلا أن أي تغيير لسياسة الرسوم يتطلب موافقة 70% من أعضاء المجلس. 
بينما يرى الصندوق هذه الرسوم مصدرا هاما لموادره المالية كما أنها تسهم في تقويض اعتماد الدول على قروضه باعتبارها أعباء إضافية على الاقساط والفوائد التي ترتب على قروضه للدول.

ترى مراكز أبحاث مثل مركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن ومركز أبحاث السياسة الاقتصادية الذي يتخذ من لندن مقرا، ومبادرة جامعة كولومبيا لسياسة الحوار، أن هذه الرسوم تمثل أعباء على دول تعاني بالفعل من شح السيولة، الأمر الذي يهدّد قدرتها على السداد ويزيد من خطر أزمات الديون. 
وقال الباحث لدى مركز أبحاث السياسة الاقتصادية مايكل جالانت، عبر موقع المركز الإلكتروني، إن استمرار هذه الرسوم يهدد بإضعاف نفوذ صندوق النقد كمقرض الملاذ الأخير في العالم إذ يجعل القروض التي تمنحها دول مثل الصين أكثر جاذبية، لافتا إلى أن هذه الرسوم كانت موجودة منذ سنوات إلا أنها باتت تشكل عبئا نتيجة لموجة التشديد النقدي التي حركتها البنوك المركزية الكبرى عالميا بقيادة المركزي الأمريكي منذ 2022، الأمر الذي دفع فوائد بعض قروض الصندوق لتتجاوز الـ8%، بزيادة تمثل الضعف مقارنة بما كانت عليه قبل جائحة كورونا.  
منذ العام 2019، ارتفع عدد الدول التي تدفع هذه الرسوم للصندوق من 8 دول فقط إلى 22 دولة حاليا، تزامنا مع ارتفاع حاجة الدول للتمويل الخارجي في ظل تداعيات الجائحة ما قفز بقروض الصندوق إلى مستوى قياسي لقرابة 150 مليار دولار لصالح 100 دولة حول العالم، نحو 40% منها تدفع رسوما إضافية على أعباء ديونها (الأقساط والفوائد). 

تطور حصيلة صندوق النقد من الرسوم الإضافية منذ 2018

مصر ثاني أكبر مقترض 

بحسب دراسة حديثة لمبادرة جامعة كولومبيا لسياسة الحوار ومركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن، دفعت الدول المثقلة بالديون رسوما بقرابة 6.4 مليار دولار للصندوق خلال الفترة من 2020 إلى 2023، نتيجة لارتفاع الفائدة، وذلك مقابل رسوم بنحو 7.7 مليار دولار جمعها خلال الفترة من 2018 إلى 2023، ومن المتوقع أن يجمع صندوق النقد رسوما بقرابة 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمسة المقبلة. 
تعد مصر حاليا ثاني أكبر دولة مدينة لصندوق النقد بقرابة 15 مليار دولار، وهي أيضا تأتي في المركز الثالث بين الدول المثقلة بعبء الرسوم الإضافية، وفق دراسة لمركز أبحاث السياسة الاقتصادية، وستدفع إلى جانب دول الأرجنتين والإكوادور وأوكرانيا وأنجولا قرابة 6.1 مليار دولار رسوما إضافية خلال السنوات الخمسة المقبلة، ما يعني أن هذه الدول ستسهم بقرابة 39% من دخل الصندوق من الرسوم الإضافية. 
بالنسبة لمصر، فحصتها من هذا الرقم تصل إلى 370 مليون دولار من المقرر أن تدفعها خلال الفترة من 2024 إلى 2028، يضاف هذا إلى قرابة 1.6 مليار دولار فاتورة مدفوعات الفوائد المرتبطة بالقروض التي حصلت عليها الدولة من الصندوق. 
تشير البيانات إلى أنه بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة عالميا أصبحت الرسوم الإضافية تستحوذ على 50% من إجمالي إيرادات الصندوق خلال 2023، ومن المتوقع أن يجمع أكثر من 14 مليار دولار من 13 دولة، بينها مصر خلال الفترة من 2023 إلى 2033، 

بحسب مدير مركز سياسات التنمية العالمية الأمريكي، كيفن جالاجر، تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع أعباء خدمة الدين لا سيما بالنسبة للدول الضعيفة، الأمر الذي يفاقم الضغوط الاقتصادية على هذه الدول على العكس من الدور المفترض أن يلعبه الصندوق. 

حصة مصر المحتملة من الرسوم الإضافية على قروض صندوق النقد خلال الخمس سنوات المقبلة
search