الأحد، 07 يوليو 2024

02:41 ص

الولادة القيصرية.. 14 مليار جنيه "استثمارات الخوف"

صورة تعبيرية

صورة تعبيرية

أسامة حماد

A A
سفاح التجمع

حفزت دراسة منظمة الصحة العالمية عن نسب الولادة القيصرية في دول العالم وتصدر مصر قائمتها، أعضاء مجلس النواب المصري في تفعيل أدواتهم الرقابية، والتقدم بعدد من طلبات الإحاطة لتحريك الشق التشريعي في مواجهة الأزمة، بعدد تحديد أسبابها. 

النواب ومتخصصون أرجعوا ارتفاع معدلات الولادة القيصرية في مصر إلى استغلال بعض الأطباء خوف صغيرات السن قليلات الخبرة، خصوصا في المرة الأولى من آلام الولادة الطبيعية، وتفضيلهن “المخدر” عن التوجع، فضلا عن قلة الإمكانيات المتاحة في المستشفيات وغياب ثقافة المتابعة الطبية في أيام الحمل الأخيرة.

البداية كانت من عند عضو مجلس النواب، حنان عبده عمار، بطلب إحاطة إلى رئيس المجلس موجه إلى وزير الصحة والسكان، بشأن ارتفاع معدلات الولادة القيصرية في مصر، بعدما جاءت مصر في المرتبة الأولى عالميًا فيها، بحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، بنسبة 63%، في حين أن هذا النوع من العمليات يمثل 26% فقط من عمليات الولادة في بريطانيا. 

النائبة حنان عمار

استشهدت عمار بتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادر في مارس 2023، وفيه أن متوسط الولادات القيصرية في مصر سجل 72% من إجمالي عمليات الولادة 2021، موضحة أنه حسب التقرير فإن معدلات الزيادة بين عامي 2000 حتى 2021 تخطت الـ7 أضعاف، من 10 إلى 72%.

فاتورة بيزنس الولادة القيصرية

البرلمانية تقول إن فاتورة الولادات القيصرية في مصر تخطت تكلفتها 14 مليار جنيه سنويا، مقابل 3 مليارات و675 مليون جنيه للطبيعية، موضحًة أن تسعيرة “الطبيعية” تتراوح عند أطباء النساء والتوليد بين 1000 و3 ألاف جنيه، فيما تكلف القيصرية من 8 إلى 14 ألف جنيه.

زميلة عمار وعضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إيرين سعيد، أرجعت ارتفاع نسبة عمليات الولادة القيصرية في مصر خلال السنوات الأخيرة إلى استسهال الأطباء للأمر، على الرغم من كونها أصعب من الطبيعية، إضافة إلى أطماع بعضهم الشخصية في تحقيق أرباح مادية منها، فضلا عن الثقافة المجتمعية وتخوف الأمهات الأصغر عمرا من الولادة الطبيعية، حسب رأيها. 

النائبة إيرين سعيد

استعانت سعيد، في تصريحات خاصة لـ"تليجراف  مصر”، ببيان عن الجهاز المركزي التعبئة والإحصاء ووزارة الصحة، صدر قبل عامين، أبرز ارتفاع نسبة حالات الولادة القيصرية، الأمر الذي دفع وزارة الصحة إلى إطلاق مبادرة بين أطقم التمريض تحظر عليهم إدخال الحامل إلى غرف عمليات الولادة القيصرية مباشرة، قبل توعيتها وطمأنتها بشأن الولادة الطبيعية، مؤكدة أن فكرة التوعية يمكن الاعتماد عليها أكثر من فكرة التجريم أو عقاب الأطباء.

ضعف إمكانيات الصحة

أضافت، أنه يتم اللجوء إلى الولادة القيصرية في الكثير من الأحيان بسبب أن “الطبيعية” تحتاج إلى طبيب وأطقم تمريض ترافق الأم لمدة 12 ساعة حتى الولادة، وهو أمر صعب مع غياب الإمكانيات وعدد الآسرة اللازمة والأطقم الطبية الكافية في المستشفيات، وفق تصريحها، على الجانب الأخر الولادة القيصرية يستخرج الطفل في وقت قصير وتغادر الأم المستشفى خلال ساعات. 

الترويج الخاطئ

إيرين سعيد تقول إن “الترويج الخاطئ للولادة الطبيعية في الأفلام والروايات القصصية تسبب في حالة من الفوبيا والرعب لدى الأمهات، الأمر الذي خلق ثقافة مجتمعية خاطئة دفعتهن إلى اللجوء للولادة القيصرية تحت التخدير وتجنب الشعور بالألم”.

أضافت أن هناك حالات طبية تستوجب الولادة القيصرية وتحتاج تدخلا طبيا سريعا حفاظًا على الطفل والأم، لكن الولادة الطبيعية أكثر أمانا وأقل ضررًا، على الرغم من أنها قد تكون مؤلمة في بدايتها، لكن الأم تعود بشكل طبيعي بعد فترة، بخلاف الولادة القيصرية التي من الممكن أن تترك أثارا سلبية على المولود، من حيث الوزن أو الرضاعة وفي أوقات أخرى يحدث خلل في هرمونات الأم بسبب العملية الجراحية. 

 تأخر سن الزواج

الرأي العلمي في الأمر تبناه عضو الجمعية الدولية للموجات فوق الصوتية لطب أمراض النساء والتوليد، الدكتور يحيى دوير، بقوله إن تزايد نسبة حالات الولادة القيصرية في مصر يعود إلى تأخر سن الزواج وعمر السيدات في أثناء فترة الحمل، إذ تحتاج الحامل بعد سن 35 عاما إلى خطوات استثنائية في عملية الولادة، مؤكدًا وجود فارق في التعامل مع حالات الولادة وفقا للمراحل العمرية، موضحًا أنه عندما تكون الأم أصغر عمرًا تتحمل آلام الحمل والولادة بسبب قوة العضلات.

الدكتور يحي دوير

دوير، نسب تزايد نسبة حالات الولادة القيصرية في مصر إلى الاعتقاد الشائع بأنه بعد الولادة القيصرية لمرة واحدة، يجب أن تكون المرات التي تعقبها “قيصرية” أيضا، على الرغم من أن دراسات الطب تؤكد أنه من الممكن أن تجرى ولادة طبيعية بعد القيصرية، لكن بشروط تتعلق بشكل وحجم الحوض عند الأم، ومرور عامين على آخر ولاده قيصرية، مع توافر بنك دم ومواد تخدير وعناية في مكان الولادة.

سبب زيادة التكلفة

تابع، "أنه لا يوجد فارق في درجة الأمان بين الولادة القيصرية والطبيعية، ولكن هناك اشتراطات تحكم كل منها”، موضحا أنه في حالة الحمل بتوأم يجب أن تكون الولادة قيصرية، أيضا في حالة تسمم الحمل وبعض الحالات الأخرى.

برر عضو الجمعية الدولية للموجات فوق الصوتية لطب أمراض النساء والتوليد، ارتفاع أسعار تكلفة العمليات القيصرية بارتفاع تكلفة الأدوية والأدوات المستخدمة فيها، مثلا تكون مستلزمات التعقيم والتخدير “المستوردة”.

search