الأحد، 07 يوليو 2024

05:16 ص

على غرار أميركان سايكو.. الجوانب المظلمة في جرائم "سفاح التجمع"

يصنف فيلم "أميريكان سايكو" كأشهر أفلام القتلة المتسلسلين التي أنتجتها السينما العالمية، ويتناول قصة شاب ثري ينتمي لأسرة راقية، يتحول إلى سفاح مضطرب نفسياً رغم حياته المرفهة، بسبب شعوره الدائم بالوحدة وصراعه الداخلي لإثبات الذات والتفوق.
وبدأ بقتل صديقه، ثم استهدف النساء وتحديداً فتيات الليل، فكان يمارس معهن الجنس بسادية قبل أن يقتلهن بطريقة بشعة!
ألا تذكركم هذه الأحداث بقصة ما؟
نعم بالضبط، إن أحداث الفيلم تتشابه إلى حد كبير مع جرائم القاتل المتسلسل كريم.س أو ما يعرف الآن باسم "سفاح التجمع".
تظهر التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع السفاح، وانفرد بنشرها موقعنا "تليجراف مصر" جانباً مخيفاً، ومظلماً وشريراً في النفس البشرية، وكيف يمكن أن يتحول إنسان -يبدو للآخرين طبيعياً وناجحاً- إلى آلة قتل بشعة، تفتك بالأحياء والأموات أيضاً!
من السطر الأول في التحقيقات، ندرك أننا أمام شخصية نرجسية مريضة بالغة الأذى، فهو يحكي تفاصيل مرعبة بدم بارد، ويتباهى في إطار حديثه بمغامراته الجنسية، وممارساته الشيطانية التي تصل إلى درجة هتك عرض جثث ضحاياه بعد قتلهن!
يمكنكم بالتأكيد قراءة نص التحقيقات في موقع تليجراف مصر، لكن سأتوقف معكم عند نقاط أراها كاشفة ومهمة، لعلها تكون دروساً مستفيدة للآباء والمجتمع!


سأبدأ من الضحية الأولى، نورا شابة جميلة حسبما يصف المجرم، ويؤكد الذين يعرفونها، انجرفت لأول مرة في حياتها إلى ممارسة البغاء، لكنها كانت المرة الأولى والأخيرة، إذ جلبها السفاح عن طريق امرأة قوادة يوم عيد ميلاده، ممنياً نفسه بليلة جامحة.
وحين أعربت الشابة عن عدم ارتياحها لسلوكه، وفي ظل عدم خبرتها الكافية، قاومت رغباته، فخنقها بحزام الروب، ثم عبث بجثتها، وحملها عارية في حقيبة سفر، ودفنها في منطقة رملية!
الجانب المؤلم في هذه الواقعة بعيداً عن جريمة القتل البشعة، أن نورا ظلت متغيبة 62 يوماً كاملين دون أن يبلغ أحد من ذويها عن اختفائها، أو حتى تلك المجرمة التي كانت تديرها في أعمال الدعارة، وكأنها لا شيء!!
وفي ظل العثور على جثتها متحللة، وصعوبة التعرف عليها، قيدت الواقعة ضد مجهول لعدم معرفة الفاعل!
وهكذا، كان من الممكن أن يفلت السفاح الدموي بجريمته الأولى، ويتوقف عن أنشطته الشيطانية، ويمارس حياته بشكل طبيعي، لكن زاده الأمر غياً، وهذا بالمناسبة سلوك أو قاعدة معروفة لدى رجال البحث الجنائي، فأولى جرائم القتل هي الأصعب دائماً على مرتكبها، وإذا فلت من العقاب، يصبح من السهل أن يتحول إلى قاتل متسلسل!
وفي ظل شعوره بالهيمنة الزائفة على ضحاياها من الفتيات البائسات، أرى أن هوسه بالقتل تضاعف، فاستدرج الضحية الثانية، رحمة ابنة الـ 19 ربيعاً، فتاة صغيرة من أسرة فقيرة وجدت لديه الرفاهية التي تفتقدها، وعززت لديه نزعته الذكورية الكاذبة، وإحساسه بالتفوق الذي لم يشعر به مع زوجته، فاحتفظ بها لفترة، إلى أن قتلها في نهاية المطاف!
وحين تقرأ تفاصيل اعترافاته حول علاقته برحمة، يقشعر بدنك عزيزي القارئ، وأتخيل مدى صدمة رجال البحث الجنائي والنيابة العامة، وهم يستمعون إليه وهو يحكي كيف هتك حرمة جثتها، أكثر من مرة، وصوّر ممارساته، قبل أن ينقلها في حقيبة سفر أخرى ويرميها في منطقة أخرى!!
المؤلم كذلك في قصة رحمة، أن أهلها كانوا على علم بوجودها عنده، بل أنهم استفادوا مادياً منه، لكن لم يكلف أحد نفسه بتتبع خطاها، وتركوها وحيدة بين أحضان وحش مضطرب!!
وحالة أميرة الضحية الثالثة، لا تختلف كثيراً عن سابقتيهاـ، فقد عاشرها حية واعتدى عليها ميتة، قبل ان يرميها مثلهما، لكن اعترافاته بخصوصهن جميعاً تثير الغثيان والقرف، فهو ليس مجرد سفاح مضطرب يتلذذ بتعذيب وقتل وهتك حرمة ضحاياه، لكنه يواصل التلذذ بالخوض في التفاصيل أثناء التحقيق معه، مثل كل منحط انجرف إلى هذا المستنقع!
إن البيئة التي خرج منها هذا الشاب، تنضح على كل تصرفاته، فهو يصف ضحاياه بطريقة غير آدمية، ويتطرق إلى أدق تفاصيل أجسادهن، وسلوكياتهن، كما لو كان يحاكمهن بنفسه، أو يحملهن مسؤولية قيامه بقتلهن!!
ما فعله هذا السفاح تتحمل أمه وأبيه جانباً كبيراً منه، فهما - خصوصاً الأم- كانت عوناً له في كل تجاوزاته منذ صغره، وحين فلت عياره في أمريكا بعد هجرة الأسرة إليها، وتكرار جرائمه هناك، قامته بتهريبه إلى مصر، ليتحول إلى وحش آدمي منعدم الإنسانية والضمير!!
لقد حذرت مراراً من تغير شكل الجريمة في مصر، في ظل ما شهدناه خلال الفترة الأخيرة، ولا أدري صراحة إلى أين نسير، لكن من الضروري تحليل الواقع ودراسة مثل هذه القضايا، فالوعي المجتمعي والوقاية خير سبيل لحمايتنا من هؤلاء الشياطين.

search