"الأفروسنتريك" في مصر.. نغضب أم نقلق أم نتجاهل؟
أفارقة في المتحف المصري
روان عبدالباقي
“كابا”، يٌقال أنه مرشد سياحي من الأفروسنتريك، قاد مجموعة سائحين بالمتحف المصري بالتحرير، وشرح لهم الآثار الموجوجة بالمتحف، حسب الصور المتداولة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
أثار هذا المشهد غضب محبي الآثار، والحضارة المصرية القديمة، تواصل “تليجراف مصر” مع مصدر مسؤول في وزارة السياحة والآثار، للوقوف على حقيقة الأمر، والذي قال إن “كابا” مجرد سائح ضمن وفد سياحي أمريكي، وكان يتناقش مع المرشد السياحي فقط.
ماذا تريد الأفروسنتريك؟
وبرغم تبرئة وزارة السياحة والآثار لـ“كابا” من تهمة الانضمام لـ الأفروسنتريك، إلا أنه حذف الصور التي أثارت جدلا بالمتحف المصري بالتحرير، من حسابه الشخصي على “فيسبوك”.
وسواء كان “كابا” واحدًا من الأفروسنتريك أو مجرد سائح عادي، إلا أن هذه الحركة لم تكن جديدة إعلاميًا، بل يمتد تاريخها إلى عشرات السنوات، ويدعمها عدد كبير من الأفارقة.
تأسست الأفروسنتريك أو "الحركة المركزية الإفريقية " على يد الناشط الأميركي الإفريقي الأصل موليفي أسانتي في فترة الثمانينيات، بهدف تنمية الوعي حول الثقافة الإفريقية عبر التاريخ، وتسليط الضوء حول تلك الهوية في الولايات المتحدة وأوروبا، وفق الموسوعة البريطانية Britannica.
تحاول الأفروسنتريك نشر الوعي حول كيفية هيمنة الأوروبيين على حضارة الأفارقة، عبر الاستعمار والعبودية، ولكن أكثر نظرياتها المثيرة للجدل، أن التاريخ والثقافة الإفريقية انطلقت من مصر القديمة، التي شكلت مهد الحضارة العالمية.
وتزعم الأفروسنتريك، أن إرثها سُرق وتم حجب منجزاتها وتزويرها من قبل الأوروبيين والغربيين، إذ يرى مؤسسها، “أسانتي” أن حركة التاريخ البشري والحضارة تبدأ من الأهرامات في مصر القديمة، التي يزعم أن "الزنوج" هم من شيدوها.
الأهرامات بناها السود
ويدّعي “أسانتي” أن الأهرامات في مصر القديمة وفي السودان وبلاد النوبة لم يكن لها مثيل في أي مكان في العالم، فقد بناها السود قبل ميلاد المسيح، وقبل ما أطلق عليه “غزو العرب عسكريا لمصر ومن بعدها أفريقيا”.
ذاع صيت الأفروسنتريك في السنوات الأخيرة بسبب كتابات موليفي أسانتي، التي ترفض في مجملها كل ما هو غير أفريقي أسود، ووضع أفكاره الرئيسية في ثلاثيته: "أفروسنترستي" (Afrocentricity) 1980، و"فكرة المركزية الأفريقية" (The Afrocentric Idea)، 1987، و"كيميت، أفروسنترستي، والمعرفة" (Kemet, Afrocentricity, and Knowledge)، 1990.
وسار العديد من الأفارقة على نهج موليفي أسانتي، ومنهم الناشط الجامايكي ماركوس غارفي، الذي روج لفكرة الشتات الأفريقي ودعا إلى دولة أفريقية منفصلة للأمريكيين السود.
كما دعم المثقفين الفرانكوفونيين الأفارقة، حركة الأفروسنتريك في فرنسا في ثلاثينيات القرن الماضي، مثل ليوبولد سنجور، وإيليا محمد، ومالكولم إكس، مطالبين بإقامة وطن للسود.
الأفروسنتريك من السياسة للفن
وعلى الصعيد السياسي، قادت الأفروسنتريك الموجة المناهضة للفصل العنصري في الجنوب الأميركي، وأسست حركة "أمة الإسلام"، التي دعت إلى التفوق العنصري للسود.
ووصل الأمر إلى دخول هذه الحركة إلى عالم الموسيقى وصناعة السينما ومجالات الموضة والأزياء والغناء، حيث ظهرت في كلمات مغنيين الراب الأميركيين من أصل أفريقي، مثل كوين لطيفة وآيس كيوب وفرقة براند نوبيان وغيرهم.
كما أن الممثل الكوميدي الأمريكي من أصول إفريقية كيفن هارت، زعم في تصريحات له أن أجداده "بنوا الأهرامات" في مصر، مما أدى إلى إلغاء حفلته في مصر في 21 فبراير 2023.
واستفز تنظيم حفل لمطرب الراب الأميركي ترافيس سكوت، كان من المقرر أن تستضيفه منطقة الأهرامات في 28 يوليو الماضي، المصريين، حتى وصل الأمر إلى تقديم بلاغات ضده بدعوى دعمه لحركة “الأفروسنتريك”.
“كليوبترا” تقلب الموازين
وانقلب العالم رأسًا على عقب بعد انتاج نتفلكس لمسلسل "كليوبترا" العام الماضي، وخاصة بعد ظهور صورة الممثلة الرئيسية لدور الملكة الفرعونية سمراء اللون، ما دفع العديد من المصريين إلى التساؤل حول السبب لاسيما أن العمل لم يكن مجرد فيلم سينمائي، إنما وثائقي، وبالتالي يفترض أن يستند إلى وقائع علمية تاريخية.
وذكرت وزارة السياحة والآثار المصرية آنذاك أن ظهور البطلة بهذه الهيئة يعد تزييفاً للتاريخ المصري ومغالطة تاريخية صارخة لاسيما أن الفيلم مصنف كفيلم وثائقي وليس عملاً درامياً، الأمر الذي يتعين على القائمين على صناعته ضرورة تحري الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب.
الهدف إثارة البلبلة
من جانبه قال عالم الآثار الدكتور “زاهى حواس”، أن هناك حقيقة مهمة جدًا يجب أن تعرفها حركة الأفروسنتريك وهي أن المناظر المصورة على المعابد المصرية من الدولة القديمة حتي نهاية العصر المتأخر، تظهر ملك مصر وأمامه الأسرى من إفريقيا وليبيا وسوريا وفلسطين.
وأوضح "حواس" أننا سوف نجد أن ملامح الملك المصري تختلف تماما وليس لها أى سمات تظهر أنه كان أسود الشكل، مضيفا: "أننا لسنا ضد السود إطلاقا ولكننا ضد هؤلاء المجموعة التي دخلت المتحف المصري في التحرير لتعلن عن أفكار ليس لها اي أساسي من الصحة".
واعتبر حواس أن حركة الأفروسنتريك “تهدف إلى إثارة البلبلة لنشر معلومة زائفة وكاذبة أن الحضارة المصرية سوداء”.
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
هل تعتقل الدول أعضاء "الجنائية الدولية" نتنياهو إذا ذهب إليها؟
22 نوفمبر 2024 02:00 ص
مذكرة اعتقال نتنياهو.. من يُنفذ القرار؟
21 نوفمبر 2024 11:34 م
بسبب "اغتصاب خضرة".. "بونابرت" أنهى خصام توفيق الدقن ويوسف شاهين
21 نوفمبر 2024 07:14 م
قانون لجوء الأجانب.. كيف يعزز مكانة مصر عالميًا؟
21 نوفمبر 2024 05:02 م
اعتقال نتنياهو.. العالم يرحب عدا دولتين
21 نوفمبر 2024 10:44 م
الأهرامات تحت المجهر.. حقيقة التعديلات الأخيرة
21 نوفمبر 2024 09:08 ص
هل يواجه طفلك مصير واقعة "حضانة الغربية" دون أن تدري؟
20 نوفمبر 2024 10:09 م
"هدية" تحولت لـ"عهدة".. رحلة التابلت المدرسي في 6 سنوات
20 نوفمبر 2024 02:14 م
أكثر الكلمات انتشاراً