الخميس، 21 نوفمبر 2024

10:56 م

لم يعلم أيهما بوفاة الآخر.. الأب مات على عرفات والابن قتلته الصحراء

الدكتور أحمد خضر ووالده المتوفيين بالحج

الدكتور أحمد خضر ووالده المتوفيين بالحج

داليا أشرف

A A

واحدة من عشرات القصص المأسوية في موسم الحج 2024، هي وفاة أب ونجله معًا خلال أداء المناسك، تاركين زوجاتهم وأبنائهم الذين كانوا في انتظار عودتهم على أحر من الجمر، ولكن جاءهم نبأ وفاتهم بعد أن تاهوا عن بعضهم عند جبل عرفات.

وفاة أب وابنه خلال أداء مناسك الحج

تامر نصر روى قصة وفاة الطبيب أحمد خضر ووالده لـ "تليجراف مصر"، قائلًا: هذه هي المرة الثانية التي يزوران فيها بيت الله الحرام، قبل رمضان بحوالي شهرين طلب الأب أن يسافر لأداء مناسك العمرة وكان ابنه معه مرافقًا، ليقرر أن يذهب مرة أخرى لتأدية فريضة الحج مع ابنه،  ويصطحب معه أيضا زوجته وسيدة من أهل البلد، متكفلًا بكل مصاريف الحج الخاصة بها.

الدكتور أحمد خضر ووالده المتوفيين بالحج 

الثلاثيني أحمد خضر اعتاد أن يكون طبيب لكل أهل قريته والقرى المجاورة، فابن السنبلاوين كان يملك مختبرين للتحاليل الأول بقريته والآخر في قرية أخرى مجاورة، لا يحتاجه أحد إلا ويجده أول المساعدين له، خدماته مجانية لوجه الله ومتقن لعمله، لذلك فإن وفاته بمثابة صدمة لمحبيه من "الغلابة".

سافر الابن ووالده المعلم بالسنبلاوين معًا لزيارة بيت الله بتأشيرة زيارة، وعلى الرغم من دفعهم 6 آلاف ريال لخدمة التنقلات إلا أنهم تعرضوا للنصب من شركة السياحة، ليجدوا أنفسهم وحيدون دون أي وسائل مواصلات، ومطلوب منهم السير 14 كم حتى دخول عرفات.

وفاة الدكتور أحمد خضر

اضطر الأب والابن وزوجته والسيدة التي رافتهم السير على الأقدام من منطقة العزيزية إلى عرفات، تحت درجة حرارة قاتلة تصل لـ 50 درجة مئوة، ولم يكن هناك حلًا.

كان الصديق تامر دائم التواصل مع الراحل أحمد خضر، وفي المرة الأخيرة تواصل معه وأخبره أنه يسير لساعات طويلة والوقت يدفع والده القعيد على كرسيه المتحرك، ويساعده من يصادفه في الطريق، فرغم المشقة كان يجد دائما من يشعر به.

الدكتور أحمد خضر ووالده المتوفيين بالحج 

"قال لي تامر أنا خلاص مش قادر احنا لسة فاضلنا 4 كيلو"..بتلك العبارة وصف خضر حالة صديقه قبل أن يصل إلى عرفات، فنصحه أن يشرب مياه من وقت لآخر حتى يستطع تكملة طريقه الشاق، وحاول مرة أخرى التواصل معه ليطمئن عليه ليجد أن هاتفه مغلق ولم يستطع الوصول إليه.

حاول تامر الوصول له أو لزوجته لكن دون جدوى، ليأتيه بعد ذلك نبأ وفاة والده الحاج عبد العزيز بمجرد وصوله جبل عرفات، حيث فقد وعيه فجأة ولم تلحقه الإسعاف لأنه فارق الحياة على الفور، في هذه الأثناء كانت مع الأب زوجة ابنه أحمد فقط، لكن الآخير كان مختفي.

بحث تامر عن أحمد يوم وقفة عرفة ولكنه لم يستجيب، حيث علم فيما بعد أنه فقد حقيبته ووجدتها حاجة سورية وهي من أخبرته أنه ترك الحقيبة وافترق عن والده وزوجته ليجلب لهما المياه لكنه اختفى.

مرت وقفة عرفة وأول يوم من عيد الأضحى، وفي اليوم التالي وبعد أن نشر تامر صورة صديقه أحمد ضمن المفقودين، جاء اتصال يخبره أنه موجودًا في ثلاجة الموتى بالمعيصم، حيث كشف له العاملون أنه ذهب ليشتري مياه لكنه ضل الطريق ولم يستطع العودة لوالده وزوجته وفقد حياته بعد التعب الشديد الذي واجهه، ولم يعلم أيًا منهما بوفاة الآخر.

انهارت زوجة الدكتور أحمد ولم تعلم كيف تخبر أولاه الثلاثة بوفاته، أما الأم فاطمئن صديق أحمد أنها بخير عندما سمع صوتها، قائلًا: "صابرة ومحتسبة".

search