الإثنين، 16 سبتمبر 2024

10:39 م

المستشار محمد نجيب يكتب.. هل يستحق "أحمد فتوح" تعاطفنا؟!

"أنا حريف وذكي"، هكذا وصف لاعب نادي الزمالك أحمد فتوح نفسه في لقائه التليفزيوني الأخير مع الإعلامي المحترم إبراهيم فايق!

ربما يكون فتوح حريفاً، لكنه أبعد ما يكون عن الذكاء، وهذه بالمناسبة طامة كبرى، فأغبى الناس من يعتقدون أنهم أذكياًء، وأشدهم جهلاً، من يعتقد أنه أكثر ذكاء من الآخرين!

أتابع أزمة اللاعب المحبوس حالياً على ذمة قتل أمين شرطة دهساً بسيارته التي كانت يقودها تحت تأثير تعاطي المخدرات، وأراقب باهتمام ردود أفعال الجميع سواء مسؤولي ناديه أو إعلاميين أو لاعبين، وبالطبع الآراء المتباينة للجماهير عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي ظل حرصي دائماً على فتح باب في هذه المساحة لمناقشة قضايا وإثارة تساؤلات، أحتار شخصياً في الإجابة عليها، أسأل "هل يستحق أحمد فتوح التعاطف؟!

دعونا نجرده من حيثيته كشخصية رياضية عامة يتمتع بشهرة كبيرة،  كلاعب لأحد قطبي الكرة المصرية، ونجماً بمنتخب مصر الأول، ونتحدث عن القضية المتورط فيها باعتباره مواطناً عادياً!

ويمكن أن نسرد الواقعة بالصيغة التي وردت في تحقيقات النيابة العامة، كالتالي،

“مواطن مصري قاد سيارته على أحد الطرق الساحلية بسرعة هائلة جاوزت السرعة المقررة قانوناً، تحت تأثير تعاطي مخدر الحشيش، فصدم المجني عليه حال عبوره الطريق، ما أدى إلى تناثر أشلائه على السيارة، وفي جنبات الطريق، ما أدى إلى وفاته”

ما هو وقع سرد الواقعة بهذا الشكل عليك، وهل تتعاطف مع الجاني؟

لن أستثني نفسي، حين أقول إننا نعاني نوعاً من الفصام، ولدينا خلل في التقييم والحكم، ونجنح إلى ازدواجية المعايير، فالحقيقة التي نتعامى عنها هذه الواقعة أن شخصاً كان يؤدي واجبه، مواطن عادي يعبر الطريق، وقتل بهذه الطريقة، مخلفاً وراءه أسرة مفجوعة، فقدت عائلها، ومصدر رزقها، ومن ثم لا مجال للشعور بأي نوع من التعاطف مع القاتل خصوصاً بعدما ثبت أنه ارتكب جريمته تحت تأثير المخدرات!

أقول ذلك، بعد ان سمعت تصريحات متحدث الزمالك وغيره، ومنشورات لكثير من زملاء اللاعب عبر حساباتهم على شبكات التواصل، يؤكدون فيها تعاطفهم التام معه، ويتمنون أن يتجاوز أزمته في أسرع وقت، ويعود إلى صفوفهم آمناً مطمئناً، وكأنه الطرف الذي تعرض للدهس!!

بل أن منهم الذي لا يتحدث سوى عن مصلحة النادي، وخسارة المنتخب للاعب مهم لدينا شح في مركزه، ما يعكس خللاً مشيناً في الإطار الأخلاقي العام، ونوعاً من النفاق المبتذل للشخصيات العامة!

لقد عدت إلى مقابلة تليفزيونية أجراها الإعلامي المحترف إبراهيم فايق مع فتوح، وتطرق فيها بكل مهنية إلى واقعة اتهامه سابقاً بتعاطي مخدر الحشيش من قبل رئيس نادي الزمالك السابق المستشار مرتضى منصور، وصدمني رد اللاعب!

لقد أصر أن ما حدث كان مختلقاً، وأثر عليه نفسياً، وأنه اختفى لمدة عشرة أيام ثم أجرى التحليل، وجاءت النتائج سلبية، وشعر بغضب شديد بسبب طريقة التعامل مع الواقعة، ورفض نزول التمرين قبل أن يردوا إليه اعتباره!
لقد تعرض مرتضى منصور لانتقاد شرس حينها، وربما كان البعض محقاً في لومه على الحديث تلفزيونيا عن تورط لاعب بفريقه في تعاطي المخدرات.

لكن ماذا لو تعلم "الحريف الذكي" الدرس من تلك الواقعة، وأدرك أنه الله منحه فرصة آنذاك لتصويب أموره وسلوكياته،  لأن مستقبله الكروي كان على المحك لولا هروبه من المباراة التي كانت يفترض أن يخضع بعدها لتحليل منشطاتّ.

أحاول أن أجد زاوية واحدة تشعرني بشيء من التعاطف معه لكن عجزت عن ذلك، فما حدث لضحية الحادث، وحال أسرته استنفذا كل مشاعر الأسى والحزن المرتبط بهذه الواقعة.

وهناك حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد، وهو أننا جميعاً معرضون لارتكاب حادث مروري، فجميعها يقع نتيجة خطأ ما، ربما من السائق أو عابر الطريق، لكننا لسه عرضة لما ارتكبه فتوح، إلا إذا فعلنا ذلك بإرادتنا الحرة، فهناك فرق كبير بين ارتكاب خطأ غير مقصود، وارتكاب جريمة!

كلمة الحق تقتضي القول إن ما فعله فتوح له مقدمات كثيرة، فشبهات عدة حامت حول سلوك اللاعب، لكنه قابل ذلك بتجبر وعناد واستعلاء على الصواب، وفي النهاية لم يدفع الثمن وحيداً، لكن دفع الثمن الأكبر رجل قاده حظه إلى العبور أمام سيارة نجم الزمالك، ودفعته أسرة فقدت عائلها وأطفال فقدوا أبيهم.

أشعر بالحزن لحال هذا اللاعب، لكنه ليس في محنة حتى أدعو له بالخروج منها، بل يخضع لإجراء قضائي عادل ويدفع ثمن ما ارتكبه من جرم!

ومن يدافعون عن متعاطي مخدرات ومتهم بالقتل الخطأ، يجب أن يعيدوا النظر في منطقهم.

وبالله عليكم كفانا نفاقاً، فمن الممكن أن نتفهم تورط شخص عادي في تعاطي تلك السموم، لكن حين يحدث ذلك من لاعب دولي يتقاضى عشرات الملايين، فهذا أمر مشين لا يمكن قبوله أو الدفاع عنه، خصوصاً حين ينتهي بالقتل!

search