الإثنين، 16 سبتمبر 2024

12:30 ص

حياة رغم الخيانة.. مصريون يغفرون خطايا زوجاتهم بـ"تعهد مكتوب"

أرشيفية

أرشيفية

داليا أشرف

A A

بين كتم السر والبوح به، استمعنا إلى أسرار تظل حبيسة ضلوع وعقول أصحابها، إنهم هؤلاء الضحايا الذي وجدوا أنفسهم فجأة طرفًا أصيلًا في قصة عنوانها “خيانة الطرف الآخر”.. ماذا قالوا عن الإحساس الأسوأ على الإطلاق الذي قد يعيشه قلب بشري، واسمه المجازي "طعنة الغدر" من أقرب الناس، حكوا لنا مآسيهم واستمعنا لهم وكانت قصصهم المريرة كافية لتجسيد الحال.

أحضان ساخنة

كان يدخل كل ليلة على زوجته يضمها إلى أحضانه، يقول وهو يربت بيديه على شعرها إنها أجمل نعمة رزقه الله بها، لم يتخيل محمد (اسم مستعار) أن زوجته المرتمية بين أحضانه تحمل سكينًا وهميًا تطعن به ظهره، أما هو فكان يتمنى لو كان السكين حقيقيًا وانتهت حياته بدلًا من أن يعرف خيانتها له.

محمد رأى حبه وإخلاصه تحت قدم زوجته التي أحبهًا حبًا جمًا، علم أن قلبها دق لشخص آخر وتحدثت إليه بل وخانته معه، نطقت بالقصة كلها كاعتراف نادمة عليه تتمنى لو أن تلك اللحظات لم تكن، سراب مرت عليه وانتهى الموضوع، وهنا بات زوجها في حيرة من أمره ولسان حاله يقول: "أسامحها وأصفح أم أطلقها؟".

الشاب الأربعيني أقدم على أغرب فعل بعد مسامحتها، فهو لن يقدر على ابتعادها عنه، ويرى أنها اعترفت بذنبها، لذا قرر أن يذهب لمحامٍ ليجهز "تعهدًا"، في شكل عقد مضمونه ألا تعود زوجته إلى خيانته مرة أخرى.

إهمال ثم خيانة

على كرسي آخر، جلس أيمن (اسم مستعار) وحكى قصته وهو ينفث قهرًا، كيف بنى بيوتًا من أوهام السعادة التي ظن أنه يعيشها مع زوجته، كانت أول عبارة خرج بها: "الإهمال هو ما دفعها لحب زميلها بالعمل، هذا ما أقنع به نفسي حتى أستطيع التعايش".

أيمن كان يعمل من الثامنة صباحًا لمدة 10 ساعات يوميًا تقريبًا، وعندما يعود إلى المنزل، كان يأكل وينام من شدة تعبه، في حين أن زوجته كانت تشكو قلة اهتمامه بها باستمرار، حتى لو بذلت جهدًا كي تحلو في عينيه، إلا أن جسده كان يعلن انهياره كل ليلة، غير مكترث لما تقوله زوجته.

الوقت القليل الذي كانت تقضيه زوجته معه أصبح مقتصرًا على الهاتف، حتى شكواها قلت تمامًا بل لم تعد تشكو من الأساس، وهنا بدأ أيمن يشك في الأمر، فاعتاد مراقبتها سواء عند خروجها أو عبر هاتفها، وشعر كأن حوائط منزله تتهدم فوق رأسه، عندما أدرك أن زوجته تقابل رجلًا آخر في مطعم، وهو ذاته التي تتحدث معه.

حزن ممزوج بغضب، مشاعر متضاربة اجتمعت داخل أيمن، ولم يشعر بنفسه إلا وقد واجه زوجته وضربها مسببًا لها سحجات متفرقة في أنحاء جسدها، كان يضربها ويضرب نفسه معها.

اعترفت زوجته بفعلتها، مبررة أن الخيانة لم تتعد المقابلة والحديث إلى الهاتف، فهي تظن أن الخيانة تكون بالجسد فقط، ولا تعلم ما الذي سببته من جروح غائرة في نفس زوجها لن تندمل بمرور الأيام.

رغم ذلك كله، توسلت الزوجة بمنحها فرصة واحدة، حيث ترى أن تلك هي "الغلطة" الأولى والوحيدة لها، في البداية رفض أيمن، لكن فيما بعد قرر أن يمنح زواجهما فرصة أخرى، رغم صعوبة ذلك القرار بالنسبة إليه، ولم يخبر أي شخص من عائلته حتى لا يراه أحد "مغفلًا".

يقول أيمن: "سامحت عشان خاطر ولادنا.. حسيت إن عليّ جزء من الغلط لمّا أهملتها بالأيام والشهور.. ولمّا اتأكدت من ندمها قررت أديلها وأدي لنفسي فرصة تانية".

حب مرضي

"في الواقع الخيانة مش مرة واحدة بس.. زوجتي خانتني مرتين".. هنا تنهد سمير (اسم مستعار) وبدأ يروي قصته الغريبة، فهو لم يسامح زوجته مرة واحدة فقط بل مرتين، يعلم جيدًا بالخطأ الذي يرتكبه في حق نفسه، لاقيًا باللوم على أهله وأهلها الذين أجبروهما على الزواج قبل سنوات.

لم يكن ذنبه أن زوجته لم تحبه يومًا، لكن الذنب الوحيد هو عندما أطرق برأسه إلى أهله وقرر أن ينفذ رغبتهم بزواجه منها، وعلى الرغم من طلبها للانفصال أكثر من مرة لأنها لم تحبه أبدًا، فإنه يزداد تمسكًا بها، لعل ذلك هو السبب وراء زيارته لطبيب نفسي.

يحاول سمير أن يتخلص من تعلقه المرضي بزوجته، التي كلما رأته ضعيفًا أمامها كلمها كرهته، وتتذكر كيف تزوجته دونًا عن رغبها، لكنه يأمل أن تلك العلاقة تنتهي يومًا ما دون أن ينكسر قلبه مرارًا.

لماذا يغفر بعض الرجال خيانة الزوجات؟

"الخلافات وغياب المودة وفقدان الشغف هي أهم أسباب ملل العلاقة".. هكذا قال الاستشاري النفسي وليد هندي، موضحًا الأسباب الرئيسية وراء الخيانة وغفران الرجال خيانة زوجاتهم.

وقال هندي إن هناك الكثير من الرجال يتعاملون مع الخيانة أنها خطأ عابر بما أنها لم تكن “جنسية”، تلك الطريقة السطحية التي يعتمد عليها البعض لتبرير مشاعر الخيانة، وحتى يرحم نفسه من التعب النفسي الذي يشعر به.

وأضاف الاستشاري النفسي لـ"تليجراف مصر"، أن الخيانة تحمل حتى المشاعر والأحاسيس التي يشعر بها أي طرف، وهناك أنواع كثيرة من الأزواج تقبل بالخيانة لعدة أسباب، أضعها هو الحب والتعلق المرضي.

الدكتور وليد هندي

وأشار إلى أن هناك أزواجًا يستفيدون من وراء زوجاتهم، إذ يحققن لهم مكتسبات الحياة الرغدة، فلا ينظر الرجل إلى الخيانة هنا، بل يرى أنه لا ينبغي أن يترك زوجته التي تحقق له ما يريد.

واختتم الاستشاري النفسي حديثه، بأن هناك قلة من الرجال تغفر الخيانة كي تنسى وتمحو الأخطاء التي ارتكتبها الزوجة، في حال أنها كانت بسيطة، ويستطيع الزوج التعايش معها شرط عدم تكرارها والحفاظ على الأسرة.

search