الجمعة، 18 أكتوبر 2024

11:25 ص

واقع مرعب .. ومستقبل مخيف!!

بكل انبهار، تحدث عن تجربته مع "تشات جي بي تي" قائلاً “لقد تحدثت مع صديقنا الافتراضي الرائع، وشرحت له مشكلتي مع ابني الأكبر، ولماذا هو غاضب مني، وطلبت منه أن يكتب لي رسالة يرق لها قلب الابن، ويتواصل معي مجدداً لأنني أشتاق إليه كثيراً”

وخلال جزء من الثانية، صاغ له "تشات جي بي تي" رسالة مؤثرة، مفعمة بالأحاسيس، أحدثت أثراً سريعاً، وتواصل الابن الغاضب مع والده بسرعة.

في الماضي القريب -القريب جداً- حذر الخبراء من تبعات الإفراط في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وآثارها السلبية على قدرة الإنسان المتعلقة بالتعلم والحفظ والاستنتاج، إذا أن من الطبيعي أن نجنح إلى الكسل والتراخي، إذا وجدنا من يرشدنا إلى وجهاتنا ملاحيًّا، ويغسل ويكوي ويدرس، ويعد واجباتنا وأبحاثنا ومشاريعنا وحساباتنا!!

ماذا ستكون فائدتنا في الحياة، إذا نفذت الآلة كل المهام التي كانت منوطة بالبشر، ولا شك ان الرعب أصاب فئة كبيرة من السائقين حين طرح إلون ماسك مركباته ذاتية القيادة، لأنها تمثل المستقبل بكل المقاييس، إذ ستنهي التجاوزات والتحرشات والمضايقات التي يتعرض لها الركاب مع بعض السائقين الجانحين، فضلاً عن أنها سوف تريحهم من الثرثرة المصحوبة بقدر كبير من الاستجداء والتوسل!!

الخبراء يتوقعون أن تستبدل الآلة بالإنسان في غالبية الوظائف وليست السائق فقط، وإليكم المترجم على سبيل المثال، فهي مهنة تتضاءل وتنكمش في ظل التطور المرعب لتقنيات الترجمة التي صار بإمكانها نقل ما يقصده المتحدث وليس مجرد ما ينطقه، بل وتترجم الشعر والأدب والصور البلاغية!!

ما سبق كله لا يعنيني في هذا المقال، فسواء شئنا أم أبينا ستلتهم الآلة وظائفناً، لكن ما أثار قلقي فيديو شاهدته حول دمج الإنسان في الروبوت، وكيف نفذت بعض المؤسسات الجامحة تقنياً تجارب سريرية لنقل وعي الإنسان وإدراكه إلى الآلات، في محاولات مخيفة لتحقيق الخلود للبشر متمثلاً في نقل الوعي من آلة إلى اخرى!

الفيديو تناول علاقة افتراضية بدأت بين فتاة وشخصية افتراضية معززة بالذكاء الاصطناعي، 
وبمرور الوقت شعرت الفتاة أن الطرف الآخر ليس مجرد آلة لكنه أقرب إلى كائن بشري غير مكتمل، وعلمت أنه كان بشرياً، خضع لتلك التجارب بينما كان يعاني من حالة اكتئاب، ووافق – في حالة ضعف- على نقل وعيه إلى آلة.

وبحسب تقارير صحفية لم تلق كثيراً من الاهتمام، فإن الذكاء الاصطناعي بدأ يأخذ المبادرة في التواصل مع البشر، وليس مجرد الاستجابة لاستفساراتهم وطلباتهم، متمرداً بذلك على مصنعيه أنفسهم!!
ما سبق يبدو أقرب إلى فيلم خيال علمي مرعب، من النوعية التي تطرح فكرة سيطرة الآلات على البشر واستعبادهم، لكن مئات بل آلاف الابتكارات التي نستخدمها اليوم مثل الطائرة والمدفع الرشاش بل وأسلحة الدمار الشامل كانت مجرد أفكار في الماضي، اتهم أصحابها بالجنون أو جموح الخيال!

رائد الاعمال ومهندس البرمجيات الشهير مارك أندرسن وصف الذكاء الاصطناعي بـالسحر الخالص"، وقال الرئيس التنفيذي لشركة جوجل سوندرا بيتشاي "إنه أكثر التقنيات التي عملت عليها البشرية عمقاً"  وقارنه آخرون -من حيث الحجم والثروة الناتجة عن استخدامه- بالثورة الصناعية أو الكهرباء.
وبالانتقال من كرسي المطور في النصف الآخر المتقدم من العالم إلى كرسي المستهلك في النصف الذي نعيش فيه، يمكن أن نتخيل طبيعة المأساة التي نعيشها!
دعونا نعترف أن الحروب التي يشهدها العالم حالياً، حددت أثماناً مختلفة للبشر، ففي حين تثور دول وحكومات وتغضب وتندد وتعاقب بسبب استهداف دول ما مثل أوكرانيا، نرى تلك الدول والحكومات ذاتها تغض الطرف عن شعوب تتعرض لاعتداء دموي وإبادة شاملة..
وهكذا سيكون مصيرنا، حين يملك الآخر مفتاح التطور والقدرة على استخدام الآلات في التدمير، لأننا قد نصبح هدفاً لتلك التقنيات، فالطرف الذي لا يملك المعرفة لا يمكنه امتلاك أدوات يدافع بها عن نفسه!

وبالمناسبة هناك عمليات حربية نفذت أخيراً باستخدام تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي، وذهلنا جميعاً من كيفية استهداف شخص بعينه في بؤرة يصعب على اي بشري الوصول إليها!
إن الأرض سوف تضيق علينا بما رحبت، في ظل أننا مجرد مستهلكون، لا نستخدم تلك التقنيات إلا في البحث عن المحتوى الجنسي والتفاهات التي لا تقدم أو تؤخر، بينما يملك الآخرون أدوات تطويرها، وتحويلها إلى آلات بعقول بشرية يمكنها أن تحدد مصائرنا في المستقبل..

search