السبت، 26 أكتوبر 2024

01:11 م

أزمة لاعبي الزمالك .. وتبرير الخطأ!

انتهت بطولة السوبر المصري لكرة القدم التي استضافتها الإمارات، ونتمنى أن يسدل الستار على فصولها المزعجة بأمان يوم 29 أكتوبر الجاري في الجلسة القضائية المنتظرة لثلاثي نادي الزمالك، مدير الكرة عبد الواحد السيد واللاعبين مصطفى شلبي ونبيل عماد “دونجا”.

أزعم أن ما سنطرحه هنا سيكون مختلفاً عن كل ما قيل وكتب منذ بداية أزمة لاعبي الزمالك لأسباب، أولها أنني رجل قانون في المقام الأول، وأهمها أني أعيش في دولة الإمارات منذ سنوات طويلة، ومن ثم أعتقد أن لدي إلمام كافٍ بالأنظمة والقوانين وآليات تطبيقها.

في أعلى بقعة في إستاد محمد بن زايد كتب بحروف بارزة "مصر والإمارات قلب واحد" وأعتقد أن أي مصري يعيش في الإمارات يشعر بصدق هذه العبارة منذ أن تطأها قدمه.

المصريون هنا بمختلف فئاتهم، سواء كانوا مستثمرين أو رجال أعمال، أو كبار الموظفين والمبدعين وحتى الأيدي العاملة يحبون الإمارات، ولا مجال للتزيد أو المبالغة في هذا الجانب، فالدولة صديقة للإنسان بغض النظر عن ظروفه وأوضاعه المادية أو جنسيته، وأعتقد أن الشخص السوي العاقل سوف ينظر إلى ذلك بنوع من التقدير.

كثيرون حاولوا الصيد في الماء العكر، وآخرون تصرفوا بتشنج وعصبية حيال أزمة لاعبي الزمالك، دون أن يكلف أحدهم نفسه بالنظر بموضوعية إلى الواقعة، التي تناقلتها الكاميرات وانتشرت مثل النار في الهشيم على منصات التواصل كاشفة تصرفات لاعبي الزمالك!

ومع ذلك لن أستبق الحكم ونتائج التحقيقات، بل أتمنى أن تنتهي الأزمة على خير، ويتعلم هؤلاء الشباب الدرس جيداً، ويدركون أن دورهم وحماستهم وانفعالاتهم يجب أن تقتصر على المستطيل الأخضر.

بقدر انزعاجي من سلوك لاعبي الزمالك، صدمني ردود فعل المدافعين والمبررين المستنكرين لثقافة “احترام القانون"، وما لا يدرك هؤلاء وغيرهم، أن هذه الثقافة ليست متعلقة بمثل هذه الظروف أو الأحداث – التي أراها صغيرة- مهما بلغت شعبية أصحابها، ولكنها مرتبطة بقيمة دولة تعد المقصد الأول للمستثمرين في الشرق الأوسط، واسألوا كبار رجال أعمال المصريين عن ذلك.

وهذه الفئة من رواد الأعمال لا تخاطر بالاستثمار في أي دولة قبل التأكد من أمرين بالغي الأهمية، أولهما قوة القانون وعدالة تطبيقه، وثانيهما مؤشر الأمن، وهذان المعياران على رأس أولويات حكومة الإمارات.

أقول لكم ذلك، وقد مثلت موكلين من معظم الجنسيات، فلم أجد يوماً أن العدالة تنظر بعين إلى أحد، وعين مختلفة إلى آخر، فبالله عليكم كفاكم مظلومية وهوساً بنظريات تآمريه، وترويجاً لكذبة "أن هناك تعنتاً بحق لاعبي الزمالك".

سُئلت من الساعات الأولى عن تبعات الواقعة، وحذرت، بل حاولت الوصول إلى مسؤولي نادي الزمالك، لأهمس في أذن أحدهم، بأن التصالح هو الحل القانوني الوحيد لاحتواء الأزمة مبكراً، لأن المكابرة غير مجدية، لكنهم تصرفوا بطريقة صدمت الجميع، ولا شك أن أصدقائهم الذين يعيشون في الإمارات نصحوهم بذلك، لكن أدركوا ذلك متأخراً.

ربما لم يسأل أحدهم نفسه، لماذا لم يكن الاعتداء متبادلاً؟
لماذا لم يرفع أي من رجال الأمن الذين تعرضوا للاعتداء يده حتى يرد الضربة للمتهمين في الواقعة؟

والإجابة أن الجميع هنا أيا كانت جنسياتهم يثقون في أن هناك مظلة قانونية تحميهم، وأن القضاء سوف يرد إليهم حقوقهم التي قد تهدر إذا ردوا الاعتداء بمثله.

أتمنى من جماهير نادي الزمالك، ولا اقصد جميع الجماهير، فمعظم أصدقائي "الزملكاوية" غاضبون من سلوك لاعبي فريقهم، وإنما أخاطب المتشنجين المتطرفين الذين يعتقدون أنهم مستهدفون من الكوكب بأكمله، ولديهم هاجس بأن هناك مؤامرة تحاك ضدهم من الكائنات الأرضية والفضائية والأرواح الشريرة!

بالله عليكم، لا تبرروا الخطأ، لأنكم تعززون هذه السلوكيات في لاعبيكم وترسخون في أنفسهم يقيناً بأنهم فوق المحاسبة والقانون، ولديكم لاعب مثل أحمد فتوح مثال على ذلك، فلو حاسبه أحدهم حين اشتبه به سابقاً بتعاطي الحشيش، ما كان ليتورط في قتل شخص بريء بالخطأ تحت تأثير التعاطي!

الواقعة برمتها سخيفة ومشينة وتسيء إلينا كمصريين، قبل أي طرف آخر، فضعوا الأمور في نصابها لأن مصر أكبر كثيراً من هذه السلوكيات الفردية، ونادي الزمالك نفسه أهم وأرقى من أن يترك مطية لمن يشوه صورته ويفرض نفسه كرمز ومهيج للجماهير بالتشنج والتمثيل والجري وراء اللقطة!

title

مقالات ذات صلة

search