سخافة وخلاعة.. ربات "مجارير" السوشيال ميديا
لا أعتقد أن هناك وسيلة لتشويه صورة مصر والمصريين أقوى مما يعرض على وسائل تواصل اجتماعي بعينها مثل تيك وتوك ويوتيوب وغيرهما، من فيديوهات سخيفة فاضحة، وبث حي لما يدور في المنازل وفضح أسرار البيوت، بهدف التربح من هذه المنصات التي تثريهم أكثر كلما استطاعوا استقطاب أكبر عدد من المختلين هواة مشاهدة هذا العبث والتدني!!
لقد قامت الدنيا ولم تقعد على تلك البلوجر الشابة الشهيرة باسم سوزي الأردنية، حين سخرت من والدها وردت عليه بطريقة مسيئة، وصدر حكم بحبسها سنتين، لكن في المقابل تحولت إلى ترند، وصارت عبارتها "الشارع اللي وراه" قولاً مأثورًا يستخدم في الدراما والسينما بكل وقاحة، رغم أن صاحبته أدينت وعوقبت بسببه، بغض النظر عن الموقف المشين لوالدها الذي دافع عن سلوكيات ابنته وإساءتها إليه، واستغلالها لشقيقتها من ذوات الهمم!
في إحدى الدول العربية، سئلت سيدة - حققت شهرة واسعة على يوتيوب- عن سر تعمدها الظهور بقدر كبير من الخلاعة، رغم أنها لم تنل نصيباً من الجمال أو الثقافة؟
وتبين أنها كانت تعمل خادمة وتعرضت مراراً للاستغلال، وحين شقت طريقها كمؤثرة على منصة الفيديوهات الشهيرة، قررت التكسب بطريقتها الخاصة، معتبرة أن لا أحد لديه الحق في التدخل بشؤونها طالما أنها تحصل على راتبها من أمريكا!
وقس على حالة هذه المرأة مئات بل ربما آلاف النماذج من ربات البيوت اللاتي كن مثالاً للعفة والبراءة بالأمس القريب قبل أن يمسسهن جنون السوشيال ميديا، وينتقلن من بيوت بسيطة وحياة غير مترفة إلى فيلات وقصور وسيارات فارهة على غرار رواية دكتور فاوست الذي باع نفسه للشيطان لكنهن فعلن ذلك دون الحصول على أي قدر من العبقرية كما فعل بطل الرواية الشهيرة!
يمكن أن نقف كثيراً عند حالتين، أولهما البلوجر "هدير عبدالرازق" التي اشتهرت بفيديوهات جريئة، حلقت في فضاء الشهرة بفيديو إباحي متداول على الهواتف بكثرة!
اعتقدت ومثلي كثيرون أن من تتورط في هذه المشكلة يجب ان تتحلى بقدر من الحياء، إلى أن ينسى الناس، أو تتعظ على الأقل وتدرك أن نعمة الستر تمنح لمن يقدرها ويحافظ عليها، لكن أذهلني جرأتها الكبيرة في التعامل مع الموقف، بل وموافقتها على الظهور في برنامج تليفزيوني تناول الواقعة بشكل أساسي، ولا شك ان هذا نوع من المتاجرة بفيلمها الإباحي، لدرجة تثير الريبة فيما إذا كانت تعمدت نشره من الأساس!
والنموذج الثاني لفنانة صاعدة نالت النصيب الأكثر من الشهرة بفضل فيديوهات خليعة، وبعد فترة من الانزواء والابتعاد عن الأضواء أطلت مجدداً من خلال اليوتيوب ومنصات أخرى، تتحدث بوقاحة عن تجربتها ومعاناتها، وأنا بكل أمانة لا أحكم على أحد ولا أفضل التطرق إلى حياة الناس الشخصية واختياراتهم، لكن هذين النموذجين لهما تأثير سلبي على المراهقات والفتيات اللاتي قد ينهجن المسار ذاته لتحقيق الشهرة والثراء!!
أعرف شخصاً يعاني كثيراً مع ابنته المراهقة لإصرارها على ارتداء ملابس غير لائقة حين تخرج، وتأخرها في العودة إلى المنزل، ثم كانت الطامة الكبرى حين اكتشف أنها قررت التحليق في سماء العالم الافتراضي، بفيديوهات راقصة وخليعة - من وجهة نظره- وحين واجهها بذلك، صدمه رد فعلها، إذ اعتبرته متخلفاً رجعياً، وليس من حقه أن يتحكم فيها أو يقوم سلوكياتها بهذه الطريقة، ووصل الأمر إلى مغادرتها المنزل، واكتشف أنها متأثرة بواحدة من مؤثرات السوشيال ميديا!!
لقد تحولت هذه المنصات إلى مجارير حقيقية، تزكم الأنوف وتعمي العيون من فرط قبح ما تقدمه، والجنوح الرهيب للانحلال والسخافة، واستخدام أي وسيلة ممكنة للتربح والشهرة، حتى لو أسرف الزوج في النطاعة والمتاجرة بزوجته وأطفاله، أو بالغت الزوجة في الإسفاف والتحقير من زوجها، متحصنة بما تحققه له ولأسرتها من أرباح بالعملة الصعبة الوضع مزر وكريه ومخجل، وأنا وإن كانت لا أحب التضييق على البشر، لكن أرى أن ما يطفح علينا من هذه المجارير يمس بصورتنا وسمعتنا ويسيء إلى شعب بأكمله، ولا ألوم الدولة على محاسبتها لهؤلاء، بل أطالب بمزيد من الردع، فبلادنا مليئة بالنماذج الرائعة من أدباء ومفكرين ومبتكرين من مختلف الأعمار والفئات، لكنهم لا ينالون نصيباً من الشهرة أو المال في ظل رواج هذه البضاعة الرديئة!!
الأكثر قراءة
-
04:50 AMالفجْر
-
06:19 AMالشروق
-
11:39 AMالظُّهْر
-
02:39 PMالعَصر
-
04:59 PMالمَغرب
-
06:19 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
طبيبة "فضح" النساء والتوليد!
12 نوفمبر 2024 03:49 م
أزمة لاعبي الزمالك .. وتبرير الخطأ!
25 أكتوبر 2024 08:27 م
"جيتكس".. بوابة المستقبل عبر دبي
18 أكتوبر 2024 05:39 م
واقع مرعب .. ومستقبل مخيف!!
15 أكتوبر 2024 04:46 م
أكثر الكلمات انتشاراً