الخميس، 21 نوفمبر 2024

08:57 ص

أمي

هذا الرابط الروحاني الفريد بين الأم وابنها، آية من آيات الخلق، ودليل على قدرة الخالق، فمهما بلغ بنا العمر يظل حضن الأم هو الونس، ولمستها شفاء، وكلمتها طمأنينة، وابتسامتها حياة.

في حياة كل منا مواقف لا تنسى، لعبت فيها الأم دور البطولة المطلقة، إما سند في موقف صعب، أو دافع لخوض تحدي أو مغامرة، تحول حياتنا إلى الأفضل وتنقلنا إلى الأمام بشكل مذهل، لمجرد شعورنا أنها بجانبنا، ولن تغادر أو تلوم أو تنفض عنا إذا أخفقنا..

هذا هو الفرق بين الأم وأي شخص آخر في حياتنا، فهي لا تتخلى أبداً بل تعافر وتقاوم وتخوض حروبنا معنا، الأم لا ترى إلا الأفضل فينا، ولا تمل من منحنا الفرص إذا تعثرنا، وتعطينا الأعذار إذا تاخرنا، تشعر بدفئها، حتى لو كنت بعيداً عنها آلاف الأميال، وكأنك لا زلت معلقاً في جسدها بذاك الحبل السري الذي دأبت على تغذيتك من خلاله.
أمي هي كلمة السر في كل شيء، هي المنارة التي أهتدي بها حين تضل سفينتي أو تتزاحم حولي الأمواج، وأحتاج إلى الونس والدليل..

حينما أراد الله أن يصور رحمته بعباده ضرب لهم مثلا برحمة الأم، وجعل رحمتها معيارا ليقرب معنى رحمته للعباد؛ فقد أخرج البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "قدم على النبي ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي ﷺ: أترون هذه طارحة ولدها في النار قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها". فانظر إلى قوله: " لله أرحم بعباده من هذه بولدها"؛ إذ جعل رحمة الأم مثلا لرحمة الله تعالى، وله المثل الأعلى!

ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يوصي بها 3 مرات مقابل مرة واحدة للأب حين جاءه رجل فقال له: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك..

مهما فعلنا لا يمكن أن نوفي الأم حقها، فهي الإنسان الوحيد في حياتنا الذي يعطي دون انتظار لمقابل، وهذا هو أصل العطاء وأكثره إخلاصاً، ويستحيل أن تجاريه او تعوضه، وماذا يمكن أن نقدم لمن كانت سبباً في وجودنا بهذه الحياة؟

"أمي" كلمة صغيرة تحمل معاني هائلة، تزلزل قلبي كلما شعرت بألمها حين تمرض، وأتوسل إلى الله أن يخفف عنها ويشفيها، فهي الحب والعطاء والحنان والأصل.

search