محمد صلاح.. أنا الملك
محمد صلاح ليس مجرد لاعب كرة قدم، لكنه مشروع إنساني ومهني يستحق كثيراً من التأمل والدراسة، فبعيداً عن كونه أفضل سفير لمصر، وقدوة لمعظم الناشئين في بلادنا والعالم، إلا أنه يمتلك إرادة حديدية وقوة شخصية وموهبة استثنائية جديرة بجعله حديث العالم حالياً؟
الملك المصري يدرك قيمته جيداً لدى جمهور نادي ليفربول، أحد أكثر جماهير كرة القدم شغفاً في العالم، ويدغدغ مشاعرهم بعبقرية فريدة، ليس فقط بأهدافه الرائعة، ومساهماته المتكررة لزملائه، لكنه بطريقة احتفاله معهم، وإشاراته الذكية إليهم، وتصريحاته المحسوبة بعد كل مباراة.
مصير محمد صلاح يبدو مجهولاً في ليفربول، والكل يعرف أن الإدارة مترددة في تمديد عقده بالشروط ذاتها، والراتب الأسبوعي الضخم الذي يتقاضاه في ظل تقدمه بالسن، لكنها تتعرض لضغوط هائلة من الجمهور المفتون بملكهم المصري.
صلاح رفع من بداية هذه الموسم شعار " العطاء لا يرتبط بالسن" ويبدو بالنسبة لي في أفضل فتراته الكروية، فهو مرعب بكل المقاييس، ويحدث فرقاً رهيباً يربك الخصوم، ولا تخلو مباراة من مساهمة جوهرية لصالح فريقه، سواء بالتسجيل أو المساهمة في الأهداف.
"أنا الملك".. ليس مجرد شعار، هكذا يقدم ابننا نفسه، لكنه يتوج كرجل المباراة بشكل متكرر، وحين يضيع زملاؤه، ويفقدون الإيقاع والتركيز، ينفجر ذاتياً، ويعيدهم إلى المنافسة بأسلوب يتسم بكثير من الخبرة مع مهارة وقوة شخصية يحسد عليها.
ما يفعله محمد صلاح الآن يجعلنا نفكر في رحلتنا الشخصية، وتبني قناعة يجب أن تكون راسخة بداخلنا، وهي أننا يجب أن نحدد قيمتنا بأنفسنا، ولا نترك للآخرين ذلك.
صلاح دأب على الاحتفال في المباريات الأخيرة، بالجلوس على لوحة الإعلانات ووضع ساق على الأخرى، لا ينقصه في هذا المشهد سوى تاج حقيقي، وفي مباراة أخيرة خلع قميصه كاشفاً عن بنيان فريد - ما شاء الله- وكأنه يبعث برسالة ضمنية مفادها " العمر مجرد رقم"!
هناك عشرات من النماذج الأخرى للاعبين يعتبرهم مشجعوهم أساطير وعالميين ولم يحققوا في حياتهم ذرة من إنجازات محمد صلاح، لأنهم لا يملكون عقليته ولا شخصيته ولا ثباته الانفعالي!
اسأل نفسك مائة مرة ولن تجد إجابة وافية، كيف يستطيع التركيز والتألق بهذه الدرجة المرعبة، فيما يمر بمرحلة صعبة في مشواره المهني، ولم يحدد مصيره حتى الآن، ويعاني تجاهلاً من النادي الذي حفظ له كبرياءه وأعاد إليه هيبته!
سمعت الأستاذ أحمد حسام ميدو يتحدث عن صلاح في أحد الاستوديوهات حين كان محللاً في قنوات بي إن سبوت مع بداية مشوار الملك في إنجلترا، وقلل كثيراً من قدراته الذهنية، مدعياً أن صلاح لا يملك الكاريزما أو الشخصية القوية التي تؤهلة للمنافسة في الدوري الإنجليزي.
وقوبل ميدو حينها باستنكار من قبل مضيفه وبقية المحللين، الذي ألمحوا بموضوعية إلى أنه لا يستطيع السيطرة على مشاعر الحسد والغيرة من صلاح.
كان من الممكن أن يسير صلاح على نهج ميدو الذي يتباهى بإخفاقه في الحفاظ على مسيرته التي بدأت بوهج شديد وانتهت مبكراً، لكنه أدرك أن النجاح في أوروبا يستلزم أن تكون أوربي العقلية.. عملياً ودؤوباً وطموحاً.
يغني جمهور ليفربول لناديه دائماً نشيد "لن تسير وحيداً"، لكن الواقع أن ملكهم المتوج يسير وحيداً الآن، لكن أهم ما يميزه أنه يعرف وجهته جيداً..
مصر كلها في حاجة إلى أن تتعلم من محمد صلاح، فلو امتلكنا نصف عقليته سوف نتبوأ مكانة تليق ببلادنا العريقة وشعبها الأصيل..
الأكثر قراءة
-
05:09 AMالفجْر
-
06:41 AMالشروق
-
11:49 AMالظُّهْر
-
02:37 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:19 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
رسالة من صديق سوري
10 ديسمبر 2024 04:53 م
لوحة إنسانية في دبي
26 نوفمبر 2024 09:41 م
كيف استدرج "مستريح مدينتي" شخصيات رفيعة المستوى؟!
21 نوفمبر 2024 03:51 م
أمي
18 نوفمبر 2024 02:25 م
أكثر الكلمات انتشاراً