للأكاديمي الكويتي والمغرد السعودي.. هذه مصر
في صباح السادس والعشرين من يناير 2024، غرد أكاديمي كويتي يُدعى سلطان الحربي، تغريدة عبر موقع إكس، أثارت جدلًا واسعًا وغضبًا مصريًا خاصًا.
الحربي قال في تغريدته المثيرة: "بما أن مصر قد سقطت ومركبها قد غرقت وباتت الدول تأخذ أفضل وأبرع أبنائها، فإني أقترح أن تأخذ الكويت الطبيب الجراح الساحر الدكتور هاني عبد الجواد ليفتح عيادته عندنا ونستفيد من علمه وإبداعاته الكثيرة".
الجراح المصري هاني عبد الجواد لم يبعد مشرطه عن التغريدة، فتدخل فيها جراحيًا بحسم ورد: "مصر ممكن تمرض أو تتعثر لكن لا يمكن تسقط ولا يمكن تموت.. التاريخ بيقول كدا".
موجة الغضب التي طالت الأكاديمي الكويتي على تجاوزاته ضد مصر دفعته إلى التراجع ألف خطوة للخلف، فرد على أحد متابعيه: "حفظ الله مصر.. ما أقصده مما كتبته هو أن ينتبه المصريون لحال بلدهم الذي هو بلدنا ويحموه ويحافظوا على ثرواته البشرية قبل غيرها".
تغريدة الحربي استفزت أيضًا رجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي رد: "مصر لم ولن تسقط.. وإن أخطأت إدارتها فشعبها جبار وحضارته قديمة وعظيمة ولن يأخذ أحد أبنائها لا بجواز سفر ولا أموال.. فمصريتهم عميقة في جذورها وإن قبلوا بتكريم او احتفال فلا يتخلون عنها.. أما طبيبنا فهو فخر لنا وهو حر في قراره".
إلى هنا يبدو لنا أنها مجرد تغريدة من كويتي أساء فيها لمصر، ورد عليها الطبيب المستهدف في التغريدة ورجل أعمال مصري كبير، لكن القصة لم تنتهي إلى هذا الحد، فعلى ما يبدو فإن هناك من يكرهون هذه الأمة.
حساب يُدعى عبد الله بن خويلد بن نغيمش، لا يتابعه سوى 771 شخصًا فقط، سعودي وصف نفسه بـ"أحب وطني لدرجة الجنون.. أعشق السياسة والاقتصاد، أكره المتاجرين بالدين من الإخوانجية والغلاة المتطرفين والصفويين الحاقدين".
دخل بن نغيمش "المجهول" على خط الأزمة، لكنه كان أكثر وضوحًا في كرهه لمصر كواحد من كتائب "ذباب إلكتروني" عكفوا على الحط من شأن الدولة الأكبر والأهم في الشرق الأوسط، ومهاجمة شعبها.
السعودي المجهول الذي كتب رؤيته باستقدام أجانب لإدارة الاقتصاد المصري لكي تنهض من جديد، لصق بها ادعاء أن الأجانب لهم اليد الطولى في نهضة السينما المصرية.
بجولة في حساب السعودي صاحب تلك التغريدة، نجد مزيد من التطاول على مصر وشعبها، فكتب في 26 يناير الجاري: "ما زال يحلم الأخوة في مصر أن أم كلثوم وعبد الحليم والسنباطي هم على قيد الحياة، ويعتقدون أن مصر هي محور الكون، ويجمع هؤلاء القوم أن أكلة الفسيخ ألذ طعام في العالم، ويعتقدون كذلك أن فرعون ما زال يحكم مصر مع الأسف الشديد.. هؤلاء البشر يعيشون وهم سبعة آلاف قبل الميلاد.. إلى من يهمه الأمر أخبر هؤلاء القوم أن دول كثيرة سبقتهم بآلاف السنين الضوئية".
زادنا هذا الـ"نغميش" من الشعر بيت، فزعم في تغريدة أخرى أنه يجزم أن العدو الأول لمصر هو شعبها.
المهاجم لمصر وشعبها كان من أشد المنتقدين للفنان محمد سلام بعد اعتذاره عن مسرحية في المملكة بعد أحداث غزة، وزعم أنه لا يعرف من هذا الفنان، رغم أن صور "سلام" تصدرت إعلانات في بلاده عن العرض المسرحي الذي اعتذر عنه، ولا نعرف عنه هو سوى صورته التي قد لا يراها أحدًا في الفضاء الإلكتروني.
"بن نغيمش" السعودي كان أيضًا في مقدمة واصفي المقاومة الفلسطينية بالجماعات الإرهابية، منضمًا إلى أصوات "ذباب إلكتروني" ألصق الجرائم المرتبكة في حق الفلسطينيين بحماس بالتوازي مع إسرائيل.
بين "مصر سقطت" و"المصريين يعيشون أوهام" وهجمات عدة لذباب إلكتروني، تُفضح الكثير من النوايا وتنكشف العديد من أوجه "مُحدثي النعم"، فمصر ماضيها هو من رسم حاضر بقاع كثيرة في تلك المنطقة، وحاضرها هو من يجعل مستقبلهم آمن.
إلى هؤلاء نذكرهم لعلهم لا يفقهون، عمليات التجنيس الأخيرة ومنح الإقامات الذهبية لقامات فنية مصرية ما هي إلا اعترافًا ضمنيًا بقوة مصر الناعمة، ما هي إلا تكريمًا لقدرة مصر وعبقريتها وتأثيرها وحكمها، ما هي إلا "كمالة" لنواقص واضحة لا تعيب أصحابها ولكنها تزيد من زهو مصر.
إلى هؤلاء نذكرهم لعلم لا يفقهون، مصر ولو طريحة فراش الحرب، فإنها تأخذ من تاريخها قوتها، ومن شعبها مجدها، من أمتها نهضتها، فلو حذفنا المصريين من قوائم مجلد الفخر العربي سنجد هذا المجلد عدة صفحات. لا يعيبنا واقعنا الذي نعيشه بتحدياته الكبرى، فكم من محنة عشناها وعدنا منها أقوياء، وكم من حرب خضناها وعدنا ظافرين.. إن بقيت مصر بقيتم وإن سقطت لن تقوم لكم قائمة.. تأدبوا واحذروا.
الأكثر قراءة
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
تلاعبني يا واد.. مهزوم لجريح؟!
03 يوليو 2024 04:26 م
أوراق العمر لـ مجدي يعقوب.. ميراث حبيب وعهد غجري وموت ملهم (1)
25 يونيو 2024 01:14 م
خطيئة "سي إن إن" عن مصر.. "المصادر المُطلعة" تكذب ولا تتجمل
23 مايو 2024 03:35 م
نور الدين.. والحشاشين
22 مارس 2024 01:52 م
أكثر الكلمات انتشاراً