الجمعة، 22 نوفمبر 2024

11:06 ص

العلم يقبل والدين يرفض.. "زواج التجربة" يصنع أم يحلّ مشكلة؟

زواج التجربة- صورة أرشيفية

زواج التجربة- صورة أرشيفية

روان عبدالباقي

A A

"زواج التجربة"، موضوع أثار موجةً من الجدل والانقسام على المستويات الاجتماعية والدينية، إذ تساءل البعض عن مدى ملاءمته مع التقاليد والقيم الاجتماعية، بينما رحب البعض الآخر به كخطوة نحو التصدي لمشكلة ارتفاع معدلات الطلاق والخلافات الزوجية.

وأثار مقترح المحامي بالنقض أحمد مهران، المقدم إلى رئيس مجلس النواب، المستشار حنفي جبالي، بتعديل قانون الأحوال الشخصية وإضافة مادة تشريعية تنظم "زواج التجربة" بما يتناسب مع أحكام الشرع والقانون على حد قوله، الجدل من جديد بعد 3 أعوام من اقتراحه لأول مرة.

بداية القصة

في عام 2021 لجأت سيدة متزوجة إلى المحامي أحمد مهران من أجل رفع دعوى طلب الطلاق من زوجها، وبدلا من أن يتخذ مهران الإجراءات القانونية اللازمة في هذه الحالة اتصل بالزوج وعرض عليه حل الخلاف عبر إبرام عقد اتفاق يقضي بمشاركة الزواج وفق مدة زمنية محددة على ألا تقل عن 3 سنوات.

أحد عقود “زواج التجربة”

انقلبت مواقع التواصل الاجتماعي رأسًا على عقب في ذلك الوقت، بسبب تلك المبادرة التي أطلقها مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية أحمد مهران، وامتد ذلك إلى تعليق حاسم من جانب أكبر مؤسستين دينيتين في البلاد، وهما دار الإفتاء والأزهر الشريف، بتحريم هذا الأمر، وذهبت الفكرة في سبات عميق حتى عاود مهران فتحها من جديد بإدراجها ضمن تعديلات قانون الأحوال الشخصية.

مهران قال في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، إنه عاود طرح هذه المبادرة للحد من زيادة معدلات الطلاق والخلع في المحاكم المصرية وحماية للأطفال من المخاطر الاجتماعية والنفسية التي تصيبهم بسبب وقوع الطلاق بين الأبوين، بما يتناسب مع أحكام الشرع والقانون إستنادا إلي حرص الدولة ومؤسساتها لاسيما منظمات المجتمع المدني والتى تعمل في ميدان الأسرة والمجتمع وحقوق المرأة وحقوق الطفل.

الشرط "3 سنوات"

وأوضح أن مبادرة زواج التجربة هي عقد زواج بشروط يتفق عليها الزوجان تضمن استمرار العلاقة الزوجية وتجنب الوقوع في الخلافات والصراعات التى تحدث في السنوات الأولى للزواج بحيث تشمل التعديلات التشريعية لقانون الأحوال الشخصية تأجيل الإنجاب لمدة 3 سنوات أو أكثر بناء على اتفاق الطرفان حتى يتأكد للزوجين خلال هذه الفترة من صلاحيتهم لاستمرار الحياة معا، وقدرتهم على تحمل أعباء الحياة ومواجهة الخلافات الزوجية، دون اللجوء لفكرة الطلاق.

وتابع: في حالة استقرار الأوضاع الاجتماعية والنفسية والمالية للزوجين، يكون لهما الحق في طلب الإنجاب أو تعديل المدة المتفق عليها في التأجيل، أما إذا انتهت المدة ولم يتوافر للطرفين الظروف النفسية والمالية، يجوز الاتفاق على زيادة مدة التجربة لسنة أو سنتين أو أن يتفقا على الانفصال بالتراضي دون اللجوء لمحكمة الأسرة، على أن يسترد كل شريك ما قدمه للشريك الأخر عند الزواج من عطايا أو ميزات.

استكمل: في حالة إذا طلب الزوج الانفصال قبل مضى مدة العقد يكون ملزمًا بإعطاء زوجته كامل حقوقها المالية، من نفقة وعدة ومتعة ومؤخر الصداق، ويكون للزوجة الحق في كامل قائمة المنقولات والشبكة، لافتا إلى أنه في حال إذا طلبت الزوجة الطلاق قبل المدة المتفق عليها في العقد يكون عليها أن تعيد للزوج كل ما قدمه لها دون المهر وتعتبر بذلك متنازلة عن كل حقوقها.


 

طلاق كل دقيقتين

وكشفت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أرقامًا صادمة، عن حالات الطلاق خلال عام 2022 "أحدث إحصائيات الطلاق حتى الآن"، موضحة ارتفاع عدد حالات الطلاق خلال عام 2022 بنسبة 6% تقريبًا عن العام السابق له 2021، ليسجل نحو 270 ألف حالة، بمعدل حالة طلاق كل دقيقتين، مقابل 254.8 ألف حالة طلاق في عام 2021.

وأوضح التقرير الإحصائى، أن الريف يستحوذ على 42% من إجمالي عدد حالات الطلاق العام الماضى، بعدد 113.5 ألف حالة، مقابل 156.2 ألف حالة في الحضر بنسبة 58%، لافتا إلى ارتفاع نسبة الطلاق بين المطلقات في الفئة العمرية من 25 لأقل من 30 عام.

 

هدف جيد ومُسمى سيء

اجتماعيًا وأسريًا، أوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، سامية خضر، إن الهدف من المبادرة جيد ويقلل فعلا من نسب الطلاق ويحافظ على استقرار الأسرة المصرية، لكنها اعترضت على المسمى نفسه، حيث وصفت مصطلح "زواج التجربة" بأنه سيئة جدا ويمكن فهمه بشكل خاطئ ومثير للجدل.

وأضافت خضر أنه يجب توعية الشباب بأهمية تأجيل الإنجاب إلى الوقت المناسب وهو استعداد الأسرة ماديًا ونفسيًا لتحمل مسؤولية طفل وترتبيته تربية سليمة، منوهة إلى أن الإنجاب بعد 3 سنوات فكرة جيدة ولكن بشروط تعتمد على العمر والحالة المادية والاجتماعية، حيث إن السيدة التي تبلغ من العمر 35 عامًا لا يجب أن تتأخر في الإنجاب، من وجهة نظرها.

وعن اسم زواج التجربة، قال المحامي المتقدم بزواج التجربة  إنه اختار اسمًا ملفتا كنوع من التسويق الإعلامي لجذب الانتباه لفكرة جديدة، مؤكدا أنه أتم نحو 220 عقدا من هذا النوع سابقًا.

 

رد الأزهر والكنيسة

أما بالنسبة لرأي الدين قال أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، إن رأي الإسلام واضح في هذا الأمر ومن المقرر شرعًا أن العقود في الفقه الإسلامي كلها تقبل التأقيت أي تحديد المدة ماعدا عقد الزواج، لافتا إلى أن عقد الزواج يُبنى على التأبيد وليس التأقيت وعلى ضوء ذلك في الفقه السني يُحرم نكاح المتعة وما أشبه نكاح المتعة.

وأضاف كريمة لـ"تليجراف مصر"، أن هذه المقترحات تمهد للتحول إلى نكاح المتعة، المعروف عند الشيعة، وهو مخالف للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلا، ومن المفترض أن يأخذ مجلس النواب رأي الأزهر الشريف واستطلاع دار الإفتاء، بشأن هذا المقترح، الذي سيتم رفضه في جميع الأحوال، متسائلا: "لماذا لا يتقدم صاحب المقترح برأيه للأزهر الشريف أولا قبل الذهاب لأي جهة أخرى ويعرف رأي الدين والشرع".

واتفق نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، ومستشار الكنيسة القبطية الارثوذكسية، منصف نجيب، مع كريمة، قائلا: هذه المقترحات غير مقبولة بالنسبة للكنيسة وبكل يقين سيتم رفضها، وفكرة تحديد ميعاد للإنجاب بعد 3 سنوات غير جائز في المسيحية أو الإسلام، وعند عرض المقترح في اللجنة المختصة سيتم رفضه فورًا.

 

"لا تعليق"

وهاجم عضو في لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، وهي الجهة التي يتم فيها المقترحات الخاصة بتعديلات القوانين، رفض ذكر اسمه، المقترح، وقال: عندما تكون جزءًا من مؤسسات الدولة فلا يجب أن تهبط بالمستوى وتقوم بالرد على شخص يريد أن يشتهر فيجد الوسيلة عن طريق التخديم على أفكاره، لافتا إلى أن مهران أثار هذه الفكرة منذ عامين تقريبا وكلما تخف وطأتها يحييها من جديد بغرض الشهرة والتريند.

المتقدم باقتراح "زواج التجربة، أحمد مهران

واختتم: "إلى كل صاحب مصلحة، أوغاوي شهرة أو طامع فى تصدر التريند برأي شاذ يثير اللغط والفتنة في المجتمع، فإن المصريين على قدر بساطتهم يتمتعون بالذكاء في التفرقة بين الصح والأفكار المدسوسة المسمومة، ومساعيكم لإرباك المجتمع محكومة بالفشل".

search