السبت، 23 نوفمبر 2024

02:05 ص

من عزازيل إلى إسرائيل.. يوسف زيدان يتخلى عن عباءة نجيب محفوظ

يوسف زيدان

يوسف زيدان

شكك في الإسراء والمعراج، والتقويم الهجري، وأنكر المسجد الأقصى، ونادى بإقامة الهيكل المزعوم، ووصف صلاح الدين الأيوبي بأنه "من أحقر شخصيات التاريخ"، وحتى الديانة المسيحية قال إنها لم تكن موجودة عام 70 ميلادية، والآن يعقد شراكة مع إبراهيم عيسى وإسلام البحيري وغيرهم لإقامة "تكوين".

هل تمكنت شهوة الجدل من الدكتور يوسف زيدان، أم أن الرجل يمارس عمله الطبيعي كمفكر إسلامي وباحث في التاريخ؟ 

في 2008 أصدر الدكتور يوسف زيدان "عزازيل" عن دار الشروق، وفي العام التالي حصدت الرواية جائزة البوكر العربية، ليبدأ اسم الرجل في الذيوع والانتشار، ويحقق شهرة كبيرة في الأوساط الأدبية، ويتم النظر إليه على أنه كاتب من الوزن الثقيل، يمتلك مشروعا روائيا مختلفا يميزه عن الجميع. 

في المقابل توقع كثيرون أن تكون "عزازيل" مجرد ضربة حظ، إلا أن روايات زيدان التالية وضعتهم أمام وحش في السرد من الصعب ترويضه، ما منح الجمهور حق الحلم بالنيابة عن زيدان،  في حصوله على جائزة نوبل في الآداب بجوار نجيب محفوظ.  

تكثيف الإعلام على يوسف الأديب، تسببت في تجاهل مشروعه البحثي والفلسفي في التاريخ الإسلامي بوصفه أحد المفكرين الكبار، لدرجة أن البعض لا يفهم لماذا يتحدث يوسف زيدان في الفكر الإسلامي وهو مجرد أديب، في حين أن الفكر الإسلامي هو مجال عمله والكتابة الإبداعية هواية!

رفض زيدان وضعه داخل إطار أدبي مزخرف، يخضع لهوى القراء، مزق جلباب محفوظ،، ولم يستسلم لسلطة الجمهور، حطم المسلمات، وضرب الثوابت، ودخل في مناطق شائكة، وتحدث بحرية تامة عن معتقداته الفكرية، ما أحدث هزات عنيفة داخل مجتمع إسلامي ليس من السهل التحاور معه في مثل هذه الأمور. 

ملايين المعجبين تحولوا إلى أعداء باتهامات كثيرة طالت الرجل من رواد مواقع التواصل بينها أنه ملحد، في حين لا يحق لأحد التفتيش في المعتقدات الدينية للآخر، ومنها أن الرجل يتبنى مشروعا صهيونيا من أجل مغازلة "نوبل"، وهو اتهام مشروع، من المعيب أن يرفضه زيدان نفسه باعتباره مؤمنا بحرية طرح الأسئلة، ومن حقه الرد عليها بالتأكيد.

واصل زيدان طرح أفكاره الملتهبة، بالتزامن مع إصدار أعماله الإبداعية، إلا أن أعماله الأخيرة لم تحقق الشهرة نفسها التي حققتها روايات مثل "عزازيل" و"النبطي".

حالة عقابية من القراء الذين يرفضون أفكاره،  ويفضحون نواياه الخبيثة تجاه الدين الإسلامي، وانحيازه الواضح للصهيونية، وفق آرائهم. 

انطفاء شعلة زيدان المبدع حرضت بعض النقاد والقراء المخلصين على توجيه اللوم إليه، طالبوه بالتركيز على مشروعه الروائي والتوقف عن إثارة الجدل والتشكيك في الثوابت بمناسبة ودون مناسبة، والتفرغ للكتابة بدلا من الانشغال بالترند.

لكن الرجل الذي يقترب من السبعين (مواليد 1958) لا يستمع لأحد، ويواصل إنتاج "المكلمات" في الإعلام والسوشيال ميديا، من خلال تدشين مؤسسة "تكوين"، بالشراكة مع إبراهيم عيسى وإسلام بحيري وغيرهم، بالرغم من أن زيدان ليس في حاجة إلى منصة يطلق من خلالها أفكاره التنويرية (وفق وصفه) فهو مؤسسة مستقلة، وكل كلمة تصدر منه يعاد نشرها آلاف المرات في الصحف والمواقع وعبر الشاشات. 

علّة الدكتور 

علّة يوسف زيدان ليس التشكيك في الثوابت، ونهش المعتقدات،  ولا حتى الانحياز لأفكار الدولة العبرية في إقامة الهيكل المزعوم وتبرير ما ترتكبه من جرائم، ولكن في اعتقاده الدائم أنه يقول الحقيقة، باعتبار أنه من يملكها، وأنه يقوله للعامة في مقابلات تلفزيونية، بدلا من تقديمه في بحث موثق بالأدلة، يجعله خاضعا لمناقشة المختصين، وهذا رقم 1.

رقم 2 أن زيدان متخصص في إنتاج الصدمات فقط، في حين أن هناك الكثير من المناطق في التصوف والفكر الإسلامي "مجال تخصصه" في حاجة إلى لمن يكتشفها، وويسبر أغوارها ويقدمها للجمهور. 

فريق يقسم بأغلظ الإيمان أن زيدان  يلهث خلف الترند، وفريق آخر يؤكد أن الترند هو من يلهث خلف زيدان لتحقيق أكبر عدد من المشاهدات، ولكن في كلا الحالتين لا نستطيع أن نبرأ الدكتور يوسف من انسياقه خلف شهوة إثارة الجدل. 

صانع مفرقعات

نجح يوسف زيدان في أن يضيف إلى "التايتل" لقب صانع مفرقعات، بتصريحات صادمة، أحدثت انفجارات عالية، لكنها في النهاية لم تصب إلا الدكتور زيدان نفسه.

أنكر موقع المسجد الأقصى في فلسطين، وهو يقول إن المسجد الموجود في مدينة القدس، ليس هو "الأقصى" المذكور في القرآن الكريم وبناه عبدالملك بن مروان في العصر الأموي، وأن المسجد الحقيقى في الطائف، مشيرًا إلى أن المسجد الأقصى، وأن الصراع على المسجد الأقصى لعبة سياسية صنعها عبدالملك بن مروان، ولا يوجد مبرر للصراع على المسجد.

شكك في الإسراء والمعراج، وهو يقول: لا وجود لمعجزة المعراج بالمفهوم الدارج اليوم، معتبرا أن المسجد الأقصى ليس القائم في فلسطين الآن، ولا يمكن أن يكون كذلك، وليس إحدى القبلتين، وشكك في التقويم الهجري، وهو يقول بأن هناك شهرا هجريا تم حذفه من تلك الشهور المتعارف عليها تسبَّب في فوضى كبيرة في التقويم الهجري.

ومن الإسلام إلى المسيحية أكد زيدان أن الديانة المسيحية لم تكن موجودة عام 70 ميلادية، ولم يكن هناك أناجيل كما يقول البعض، وتطاول على صلاح الدين الأيوبي، وقال إنه "من أحقر شخصيات التاريخ". 

غزل إسرائيلي 

إسرائيل لم تكن بعيدة عن تصريحات زيدان، قدرت ما يقوم به الرجل من أجل خدمة مشروعها الاستعماري.

صفحة "إسرائيل"  التابعة لسفارتها  فى القاهرة، وعبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" كتبت تقول : "أسعدنا سماع أقوال الكاتب والمؤرخ يوسف زيدان فى برنامج "كل يوم"، من تقديم الإعلامي عمرو أديب، ووصف زيدان للعلاقات الحميدة  بين اليهود والمسلمين حتى قبل مجيء النبى محمد (ص) وحتى أيامنا هذه، مشيرة إلى أن جذور الحروب بين الطرفين تعود إلى المتطرفين".

وأضافت سفارة إسرائيل: "ولا شك أن الرسالة التى يحملها تفسير الكاتب زيدان بضرورة نبذ ثقافة الكراهية بين الطرفين هى رسالة مهمة فى نظرنا وأن التعاون بين اليهود والمسلمين من شأنه أن يعود بالفائدة على المصريين و"الإسرائيليين" على حد سواء، خدمة لأبناء الجيل الصاعد لدى الشعبين". 

رد زيدان على إسرائيل 

عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، أعادة زيدان نشر رسالة الشكر "الإسرائيلية" قائلاً: "أرادت السفارة "الإسرائيلية" فى القاهرة أن تشير إلينا بأن رسالتى وصلت إليهم، فأصدرت البيان المرفق، وفيه إشارة وإبداء النية للسير فى طريق السلام".

ويبدو أن الشكر الإسرائيلي لزيدان شحعه على مواصلة تقديم خدماته المجانية لإسرائيل من خلال خلال لقاء أجراه مع عمرو أديب، وهو يقول بالنص "إن الإشكالية تكمن فى أن اليهود يقولون إن المسجد الأقصي 31 ألف متر مربع، وإن اليهود مقهورون منذ 2000 عام لأنهم يصلون تجاه القدس، لأنهم يعتبرون سليمان الملك نبيا عندهم، ويعتزون به، ويسعون إلي إنشاء هيكل، أى معبد له، على مساحة 200 متر.

 وتابع زيدان: في 1948، عندما كان في مصر والدول العربية ناس بتفهم، قولنا "تعالوا، عايزين إيه؟ ما فيه كنيسة القيامة وكمان المسجد الأقصي ونعمل المعبد؟ ما عندنا معبد فى قلب القاهرة ومعبد آخر فى الأسكندرية والدنيا ما اتهدتش يعني"!

search