"موافقون" رغم التحذيرات.. هل البرلمان سيد قراره؟
جانب من لقاء مجلس النواب بالجلسة العامة
أسامة حماد
الجلسة العامة لمجلس النواب، يتبارى النواب في الهجوم على مشروع قانون ما، ويعددون مساوئه. الصورة واضحة: هذا المشروع لن يمر، هكذا يفكر المواطن الذي يتابع النقاشات الساخنة عبر الشاشة. لكنه في اليوم التالي، يتفاجأ وهو يطالع الأخبار: لقد مر مشروع القانون بأغلبية ساحقة!
سيناريو تكرر عدة مرات. لدرجة تدفع المواطن للتشوش والحيرة والتساؤل: كيف يحصل مشروع القانون على كل هذا الهجوم، ثم يحظى بالموافقة؟
تشريعات أثارت جدل
من بين تلك المشاريع، الحساب الختامي لموازنة 2022/2023، الذي أقره مجلس النواب في 8 مايو الجاري، ورفضه أمين سر لجنة الخطة والموازنة، النائب عبدالمنعم إمام، بسبب ارتفاع مستوى التضخم وحجم الدين، وأيضًا النائب أحمد بلال البرلسي، الذي وصفها بأنها تتضمن كوارث، قائلًا "هناك قروض غير مستغلة، وفي الوقت ذاته هناك من يبرر للحصول على قروض، وهذا يعني وجود سماسرة قروض" بحسب وصفه.
النائب إيهاب منصور، في اعتراضه على الحساب الختامي إلى اتهام الحكومة بإخفاء مستندات عن الجهاز المركزي للمحاسبات، على حد قوله.
بعد كل هذا، صوّت المجلس بالموافقة على المشروع الذي قدمته الحكومة، وتم اعتماد الموازنة دون تعديل.
لم يكن الحساب الختامي هو الوحيد الذي واجه اعتراضات في مجلس النواب خلال مايو الجاري، فقد أقر المجلس يوم 20 مايو قانون المنشآت الصحية، الذي أثار صيحات وتحذيرات من عدد كبير من الأعضاء لرفضه، وأطلقوا عليه "تأجير المستشفيات"، معتبرين أنه خطر يهدد العاملين في المستشفيات بل والمنظومة الصحية بأكملها، ويهدد المواطن نفسه، متسائلين: هل فشلت الحكومة في إدارة المنشآت الصحية؟ إذ يتيح القانون للمستثمر بتطوير وإدارة المنشآت وفقًا لشروط محددة.
من هذا المنطلق كان لـ"تليجراف مصر"، البحث عن إجابة لتساؤلات: لماذا يمرر البرلمان تلك القوانين المثيرة للجدل؟ وهل أثر ضغط الأغلبية الموالية للحكومة على عمل البرلمان؟
تبعات على المواطن
قال عضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، النائب محمود سامي، إن الأغلبية هي التي تتحكم في قرارات البرلمان بشكل أساسي سواء بالموافقة أو الرفض، بالتالي قرار الأغلبية ساري على الجميع، ومن يتحمل التبعات ويجني الثمار هو المواطن، سواء كانت في صالحه أو تحمله لتبعات سلبية.
أغلبية داعمة لرؤية الحكومة
وأضاف سامي خلال تصريحات لـ"تليجراف مصر" أنه من المفترض أن يكون التعامل مع أي مشروع قانون بناءً على دراسات وأبحاث دقيقة، لكن الأغلبية المؤيدة تكون على علم بالقوانين المقدمة وتكون داعمة لرؤية الحكومة، وفي حالات نادرة جدًا، تعارض الأغلبية مشروع قانون مقدم من الحكومة.
الديمقراطية
وتابع النائب محمود سامي، "لسنا في ديمقراطية كاملة بل في مراحل مبكرة منها"، موضحًا أنه في الديمقراطيات المستقرة، يقيم الشعب أداء البرلمان، وعندما يعترض على قرار الأغلبية، يتحول موقفه للمعارضة، فتصبح هي الأغلبية والأغلبية معارضة.
الحوار الوطني
وقال عضو مجلس الشيوخ "حتى الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السيسي، لم نصل من خلاله بعد إلى الإصلاح السياسي الكامل"، متابعًا: عندما نصل إليها، يتنافس حزبان سياسيان أو ثلاثة على الأغلبية، وسط رقابة شعبية ويتبادل الأدوار بين المعارضة والمؤيد.
استكمل نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي: "لا أنكر أن هناك تطورًا في دور البرلمان الرقابي، وقبل ذلك كان الوضع أسوأ، وأصبح هناك تطور، لكن لازلنا في مرحلة التجربة والخطأ، ونحتاج إلى الاستمرار في التطور في الأداء البرلماني التشريعي والرقابي".
أكد أن النظام الانتخابي البرلماني لا يفرق كثيرًا في أداء البرلمان، لكن الديمقراطية الكاملة يحققها النظام الفردي، ويحد من المال السياسي، حسب وصفه.
أمر حكومي مباشر
من جانبه، قال رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، الدكتور عمرو هاشم ربيع، إن نصف أعضاء مجلس النواب الحالي أشبه بالمعينين، عن طريق النظام الانتخابي بالقائمة المطلقة المغلقة، متابعًا أن الحكومة لها أمر مباشر عليهم، بحسب وصفه".
متابعًا لـ" تليجراف مصر"، أن رغبة النواب في البقاء داخل المجلس لدورة انتخابية ثانية وثالثة أثرت على قرارات المجلس، وأصبح ينتابه خلل واضح بين السلطة التشريعية والتنفيذية.
وشدد على ضرورة تعديل النظام الانتخابي ليكون بالنظام النسبي للتخلص من القائمة المطلقة.
أغلبية مصطنعة
أكد عضو المجلس الرئاسي بحزب المحافظين، طلعت خليل، أن تمرير التشريعات داخل مجلس النواب ليس بناءً على دراسة، بل "حين تريد الحكومة تمرير أي أمر يستوجب موافقة البرلمان، فلديها أغلبية مصطنعة تتولى الأمر حتى ولو كان غير صحيح، حسب قوله".
غياب الدور الرقابي
تابع خليل، "يؤثر ذلك سلبًا على الحياة في مصر بالكامل سياسيًا أو اقتصاديًا، لأنه يفقد البرلمان دوره الحقيقي"، مردفًا: "البرلمان لا يوجد له دور رقابي أو تشريعي، وأحيانًا يكون عضو البرلمان على دراية كاملة بالتشريعات والقوانين، لكنه ينفذ ما تريده الحكومة ولا ينفذ ما يريده الشعب، رغم إدراكه بخطورة تلك التشريعات الواردة من الحكومة".
نواب يجهلون التشريعات
النائبة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب، عقبت على الأمر بأن جميع البرلمانات في العالم بها أغلبية وهي من تتخذ القرار، مؤكدة أن هناك نوابًا يؤدون دورهم الرقابي على الوجه الأمثل وآخرين غير ذلك.
أضافت، "لا أستطيع الحكم على الأعضاء بالكامل فيما يتعلق بإحاطة نواب المجلس كاملًا بالتشريعات، لكن هناك نواب ليسوا على القدر الكافي من الدراية بالتشريعات وآخرون على قدر عالٍ من الوعي التشريعي، وعلى الناخبين أن يعيدوا انتخاب من يمثلهم حسب الأداء".
إحترام الرأي الأخر
عضو مجلس النواب المهندس إيهاب منصور أكد أن الأغلبية البرلمانية لم تهمش دور المعارضة، بل لكل طرف رأيه الخاص وعلى الجميع احترام رأي الآخر، وأكد أنه على البرلمان التوقف لقياس الأثر التشريعي للقوانين والقرارات بعد تطبيقها.
انتقادات غير حقيقية
أعرب عصام هلال، الأمين العام المساعد بحزب مستقبل وطن وعضو مجلس الشيوخ، عن أسفه للانتقادات التي تتعرض لها المؤسسات التشريعية مؤخرًا، والتي وصفها بأنها تستند إلى معلومات غير دقيقة أو غير موجودة.
وأشار هلال في تصريحات خاصة، إلى قانون المنشآت الصحية كمثال على التشريعات التي أثارت الجدل، موضحًا أن الحكومة قدمت نسخة أولية من القانون للبرلمان، وقد تم تعديلها بالتوافق بين النواب والحكومة بما يلبي رغبات الشارع والتوصيات الفنية.
استغلال الجدل
وأضاف "هلال" أن بعض الانتقادات التي واجهها القانون كانت غير منطقية، موضحًا أن البعض يعمل على باستغلال الجدل للترويج لإدعاءات كاذبة.
ودعا الجميع إلى تحري الحقيقة قبل انتقاد التشريعات، مستنكرًا الأسئلة المتداولة مثل "هل سنبيع القصر العيني؟"
وأضاف هلال أن ما يجري داخل أروقة مجلس النواب لا يُذاع علنًا، مما يخفي الجهود المبذولة من النواب والمؤسسة التشريعية عن أعين المواطنين الذين يرون فقط النتيجة النهائية.
الأثر التشريعي
وأكد أن العديد من التعديلات تُجرى على القوانين استجابة لرغبات الشارع والمصلحة العامة، مشيرًا إلى أن البرلمان يدرس الأثر التشريعي للتعديلات ويتدخل عند الحاجة.
وفيما يتعلق بالدور الرقابي للمجلس، أكد هلال أن برلمان 2020 مارس العديد من الأدوار الرقابية، بما في ذلك استجواب الوزراء.
مجلس الشيوخ
أشار إلى أن إنشاء مجلس الشيوخ أتاح لمجلس النواب مزيدًا من الوقت لممارسة أدواته البرلمانية والرقابية.
أوضح هلال أن أي برلمان في العالم يتضمن وجود أغلبية، وأن المعارضة والموالاة تختلفان وفقًا للمواقف المطروحة.
تبادل المعارضة والموالاة للحكومة
قال إن حزب مستقبل وطن قد يعارض مشروع قانون مقدم من الحكومة إذا كان يتعارض مع المصلحة العامة، في حين قد تؤيد أحزاب المعارضة التقليدية أحيانًا طرح الحكومة.
اختتم حديثه بالتأكيد على أن كافة القوى السياسية والمواطنين ينظرون إلى المؤسسة التشريعية باحترام وتقدير، مشيرًا إلى أن المؤسسة تؤدي دورها على أكمل وجه لدعم الدولة المصرية والمواطن وترسيخ مبادئ الديمقراطية.
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
هل تعتقل الدول أعضاء "الجنائية الدولية" نتنياهو إذا ذهب إليها؟
22 نوفمبر 2024 02:00 ص
مذكرة اعتقال نتنياهو.. من يُنفذ القرار؟
21 نوفمبر 2024 11:34 م
بسبب "اغتصاب خضرة".. "بونابرت" أنهى خصام توفيق الدقن ويوسف شاهين
21 نوفمبر 2024 07:14 م
قانون لجوء الأجانب.. كيف يعزز مكانة مصر عالميًا؟
21 نوفمبر 2024 05:02 م
اعتقال نتنياهو.. العالم يرحب عدا دولتين
21 نوفمبر 2024 10:44 م
الأهرامات تحت المجهر.. حقيقة التعديلات الأخيرة
21 نوفمبر 2024 09:08 ص
هل يواجه طفلك مصير واقعة "حضانة الغربية" دون أن تدري؟
20 نوفمبر 2024 10:09 م
"هدية" تحولت لـ"عهدة".. رحلة التابلت المدرسي في 6 سنوات
20 نوفمبر 2024 02:14 م
أكثر الكلمات انتشاراً