السبت، 05 أكتوبر 2024

12:03 م

وفيات الحج بين ذنب التضحية بأرواحهم وحسن الخاتمة.. رأي الدين

موسم حج 2024

موسم حج 2024

“الموت علينا حق”.. جمُلة يرددها الجميع ويتمنى جموع المسلمين أن يقبض الله أرواحهم في أرض البقيع بالمدينة المنورة، وهذا العام توفي الكثيرون هناك فيما تم فقدان آخرين خلال موسم الحج، ليتبين أن الغالبية العظمى منهم كانوا قد لجأوا إلى الحج غير النظامي “دون تصريح”.


على الرغم من تحذيرات السلطات السعودية على مدار الأشهر الماضية والتشديدات بعدم السماح بالحج دون تصريح، إلا أن بعض السماسرة استغلوا حاجة كبار السن لزيارة بيت الله الحرام، بتزوير بطاقات زيارة للأراضي المقدسة، وكان مصير بعضهم التعرض لأشعة الشمس والإصابة بإجهاد حراري رحلوا على إثره.


الذين لم يفارقوا الحياة نتيجة تعرضهم للإجهاد الحراري إثر ارتفاع درجات الحرارة الكبيرة، فقد فقدوا الاتصال مع ذويهم بسبب تركهم بلا خيام أو أماكن تعينهم على تأدية مناسك الحج، ورفع البعض شعار “الحج عرفة”، فقرروا السير من مكة إلى جبل عرفات ليفارقوا الحياة، ليتساءل البعض هل ما فعلوه الحجاج يقع تحت مسمى “إلقاء النفس في التهلكة”؟.

رمي بالنفس إلى التهلكة

علق الداعية الإسلامي محمد علي، على فيديوهات وفاة الحجاج في الطرقات وصور المفقودين والتي أغلبهم ضمن الحجاج الذين دخلوا إلى الأراضي المقدسة دون تصريح، قائلًا: “الحج دون تصريح رمي بالنفس إلى التهلكة، فأحسنت السلطات السعودية في اتخاذ قرارات لتنظيم الحج، ومنها شعار لا حج دون تصريح، وأثبتت الدولة السعودية أنها على حق في هذا القرار الذي لا يخالف الشرع”.

وأضاف في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن الدليل هو ما رأيناه بأعيننا من هلاك حجاج كثيرين -غير حاصلين على دون تصريح حج- في هذه الأجواء الحارة الخطيرة على النفس، متابعًا: “لقد مات الكثير ممن لم يلتزموا بقرارات المملكة، وهم بلا شك قد ألقوا بأنفسهم إلى التهلكة، والله سبحانه وتعالى يقول:  ”ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".


واستكمل الداعية، أن من مقاصد الشريعة التي جاء الإسلام بها حفظ الضروريات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، فحفظ النفس من جملة الضروريات التي أمر الله تعالى بحفظها وعدم تعرضها للهلاك، متابعًا: “مخالفة ولي الأمر في وضع قوانين من شأنها حفظ النفس، لهو معصية لله ثم لولي الأمر الذي أعطاه الشرع الحق في تقييد المباح لما يراه من مصلحة تعود على الرعية”.

وأوضح: “في حج هذا العام رأينا حجاجًا يفترشون الأرض بلا مأوى في طقس كان سببًا في هلاك البعض منهم، بحجة فرضية الحج، وتناسوا هؤلاء قوله تعالى: (من استطاع إليه سبيلًا)، والمستطيع هو القادر بدنيًا وماديًا على الحج ووجد الزاد والرفقة الصالحة لمثله، ولقد رأينا حجاجًا هلكوا لأنهم غير قادرين لا بدنيًا ولا ماديًا فخالفوا أمر ولي الأمر ورموا أنفسهم إلى التهلكة وحادوا عن الشرع”.


خلل وخداع


يقول عالم الأزهر، على المطيعي، إن ما حدث في موسم الحج 2024 يعتبر خلل وذلك نتيجة استغلال بعض الشركات السياحية لكبار السن وإدخالهم المملكة العربية السعودية بطريقة غير نظامية ويعتبر هذا حج دون تصريح، لذلك تعرض الحجاج إلى طريقة من طرق الخداع، ما أدى إلى عدم وجود وسائل نقل أو مناطق إيواء لهم.

وأضاف لـ" تليجراف مصر"، أن وفاة هؤلاء الحجاج لا يعتبر إلقاء بالنفس إلى التهلكة، فإلقاء النفس للتهلكة هو الفرار من يوم الزحف والجهاد لملاقاة الأعداء، وليس ما حدث مع الحجاج في هذا الموسم، قائلا: “غفر الله لهم وتقبلهم من الملبيين”.


فضل الدفن في البقيع

البعض من مرتادي مكة أو المدينة يتمنى الدفن في البقيع بسبب ورود بعض الأحاديث النبوية في فضل الدفن بالبقيع، ومن ضمنها لما روى في السنة النبوية فعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ: فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا).


وعن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: كلَّما كان ليلتها من رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلامُ عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وأتاكم مَا تُوعدُون، غدًا مؤجَّلون، وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكم لاحقُون، اللهمَّ اغفر لأهلِ بقيعِ الغرقدِ". أخرجه مسلم: كتاب الجنائز، والنسائي في سننه.

وروى جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن ماتَ بأحدِ الحرمين بُعثَ آمنًا يومَ القيامةِ"، أخرجه البيهقي في سننه، والطبراني في المعجم الصغير.

وروى مالك في الموطأ من أنه صلى الله عليه وسلم قال في شأن المدينة: ما على الأرض بقعة أحب إلي أن يكون قبري بها منها ثلاث مرات.

search