الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:08 م

الشوباشي: الإسرائيليون أدخلوني الصحافة وأخرجوني منها (حوار)

الكاتبة فريدة الشوباشي

الكاتبة فريدة الشوباشي

روان عبدالباقي

A A

في قصور البشوات، بدأت قصة تلك الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، وتقدم دروسا باللغة الفرنسية لأبناء العائلات الغنية، ليقودها القدر إلى العمل بالصحافة، حتى تصبح أشهر مذيعي مونت كارلو بفرنسا، ثم تضطر لتركها، بسبب تهديد الإسرائيليين.

مُدرسة لأبناء البشوات

في لقاء مع “تليجراف مصر”، تستعيد الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي ذكرياتها مع عالم الصحافة وكيف دخلت بلاط صاحبة الجلالة، وتحكي قصة هروبها مع الراحل علي الشوباشي، وزواجهما رغم رفض الجميع، لأنها كانت مسيحية وهو مسلم، مغامرات كثيرة مر عليها عقود من الزمن إلا أن فريدة تتذكرها بوضوح.

تحكي فريدة أن طفولتها كانت سعيدة، وكانت تدرس بمدرسة فرنسية في الأربعينات، حتى تعرض والدها لحادث مروع وباع منزلهم وممتلكاتهم، ولم يكتفِ بهذا فقد أراد أن يخرجها من المدرسة ويعلمها الخياطة، لكن رفضت والدتها وجدها، وساندوها حتى استطاعت أن تقدم دروسا لأبناء البشوات، مشيرة إلى أن أول أجر تقاضته مقابل الدروس كان 50 قرشا بالشهر، وعندما كانت في الرابعة عشر من عمرها كانت تتقاضى عن الساعة 80 قرشا.

هروب اضطراري

قصة زواج فريدة الشوباشي من زوجها الكاتب الراحل علي الشوباشي تشبه الأفلام، تتذكر فريدة يوم هروبهم من أسرتها للزواج وتقول: بسبب إصراري على الزواج من علي، قرر أهلي أن يزوجوني بشخص آخر، ولكني رفضت بشكل قاطع، وقررنا أنا وعلي الهروب إلى المنصورة لنتزوج هناك، وأسلمت بعد زواجي بحوالي 5 سنوات، لأن الإخوان زعموا أنني اعتنقت الإسلام للزواج، وهذا غير صحيح بالوثائق والمستندات.

جواب توصية

تتابع فريدة: درست في كلية الحقوق ومارست المحاماة حتى أنني كنت رئيس قسم المرافعات بالنيابة بإحدى الشركات الشهيرة، ثم قررت السفر إلى فرنسا، وأعطى لي زهير جرانة (وزير السياحة الأسبق) جواب توصية لمحامي دولي هناك كان اسمه محمود أبو عافية، ذهبت للبحث عنه ففاجئتني السكرتيرة الخاصة به أنه استشهد على نفس الطائرة التي كانت تستقلها المذيعة المصرية سلوى حجازي، فبكيت مثل المجنونة فلم أتخيل نفسي بمهنة سوى المحاماة.

يوم 21 فبراير 1973، أقلعت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 من طراز بوينغ 727 من مطار طرابلس إلى القاهرة، لكنها تعرضت لعاصفة رملية أجبرت الطاقم على الاعتماد كليا على الطيار الآلي، ودخلت عن طريق الخطأ في المجال الجوي لشبه جزيرة سيناء الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت، فقامت طائرتان عسكريتان إسرائيليتان بإسقاطها، وقتل في الحادث 108 كانوا على متنها، ونجا خمسة أشخاص فقط بينهم مساعد الطيار.
قررت الشوباشي أن تدخل بلاط صاحبة الجلالة وأصبحت من أشهر صحفيات مونت كارلو بفرنسا، مستكملة: "أجريت حوارا مع الملك حسين ملك الأردن، والسياسي السوري، فاروق الشرع، ورئيسا العراق وليبيا، صدام حسين ومعمر القذافي، وغيرهم.

وقتها، كان مطلوبا من فريدة أن تجري حوارا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، شيمون بيريز، وكان حينها وزيرا للتعاون الدولي، لكنها رفضت، وأعلنت: “ممكن أمسح بلاط، ولا أضع يدي في يد السفاح”، وهو ما أثار جنون إسرائيل، وتدخلوا لإقالتها من الوظيفة.

خروج بالإكراه

تستكمل: إسرائيل كانت السبب في دخولي الصحافة عندما ألقت بصاروخها على الطائرة التي كان على متنها المحامي، وكانت السبب في طردي منها عندما أجبرتني على ترك مونت كارلو، وقال الإسرائيليون: "الست دي خطر لأن اليهود العرب بيصدقوها"، وعندما وصلت مصر ساعدني وزير الإعلام في ذلك الوقت، صفوت الشريف، وقدمت برنامج “مطلوب التعقيب”، وتوقف البرنامج في 2011، وكتبت مقالات في الصحف ووفقني الله بعيدا عن الإسرائيليين وغدرهم.

الكاتب الصحفي الراحل، محمد حسنين هيكل، والروائي جمال الغيطاني، وأديب نوبل، نجيب محفوظ، والأديب الشهير، يوسف إدريس، علامات مصرية قابلتها الشوباشي وتحدثت معها.

تقول عن هيكل إنه كتب لها مقدمة مجموعتها القصصية “عبارة غزل”، أما عن نجيب محفوظ فكان حلمها أن تجلس في إحدى ندواته فقط، ولكن شاء القدر أن تجعله يبكي بسبب قصة بابا نويل التي كتبتها بشكل إنساني لتسرد معاناة الأطفال الفقراء في عيد الميلاد، لافتة إلى أن نجيب محفوظ كتب لها شهادة بعد فصلها من مونت كارلو يقول فيها: "خسارة غياب فريدة الشوباشي، كنت ضمن ملايين المستمعين إلى برامجها".

لحظة تاريخية

ترأست فريدة الجلسة الإجرائية للبرلمان المصري في 2021 وكانت أول سيدة تقوم بذلك وتعلق على هذا المشهد قائلة: “كانت لحظة تاريخية أكدت حرص القيادة السياسية على تمكين المرأة في المجتمع ودورها في الحياة السياسية والمجتمعية، واستنكرت ما يتحدث به البعض عن أن المرأة مكانها في المنزل، وأرفض أن يكون شكلي مسلما والأهم أن يكون جوهري كذلك، وأول مرة كشفت فيها عن اعتناقي للإسلام عندما قال مبارك في خطابه ”أنا حريص على عنصري الأمة"، فعقبت قائلة: "في 56 نزلت كصبية مصرية مسيحية أتظاهر ضد العدوان الثلاثي، وفي 67 نزلت كشابة مصرية مسلمة أتظاهر ضد العدوان الإسرائيلي، وفي الحالتين أنا فريدة لم أتغير".

search