السبت، 05 أكتوبر 2024

05:24 م

قرصنة "الأحمر".. هل يخدم الحوثيُّ إسرائيل؟

سفينة تقف في البحر الأحمر

سفينة تقف في البحر الأحمر

أحمد سعد قاسم

A A

حربٌ في غزة، ومحاولات إسرائيلية لدفع سكانها إلى خارج القطاع، ربما  إلى مصر التي تعاني ضغوطا اقتصادية صعبة للغاية.. وفي نفس التوقيت، وبدعوى الانتقام من “دولة الاحتلال”، يعترض الحوثيون في اليمن، سفنًا تجاريةً في البحر الأحمر.

ماذا يحدث حينها؟ ببساطة، تقرر شركات الشحن العالمية الكبرى، تحويل مسارات رحلاتها بعيدًا عن البحر الأحمر، وقناة السويس بالطبع، لتصير مصر المتضرر الأكبر. بينما إسرائيل تدفع أمريكا، لتشكيل تحالف غربي، لا يضم دولة عربية واحدة، لتأمين الملاحة في البحر الأحمر (السيطرة عليه إن أردتَ الدقة)، لتكون إسرائيل هي المستفيد الأول.

توابع متشابكة، معقدة، متداخلة المسارات والمصالح.. تثير الحيرة تجاه قراءة ما يحدث على الخريطة: لمصلحة من؟ ولماذا؟

من المستفيد؟

رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية، اليمني محمد الولص بحيبح، يرى أن هجمات الحوثي على البحر الأحمر تخدم إسرائيل وتضر بالمصالح الاقتصادية العربية.

وقال بحيبح لـ"تليجراف مصر"، إن "أحد التأكيدات على خدمة الحوثي للصهيونيين، هو ما صرحت به هيئة قناة السويس بأن 55 سفينة عدلت اتجاهها عبر رأس الرجاء الصالح، بدلًا من البحر الأحمر والقناة المصرية، وهذا هدف إسرائيلي للإضرار بمصالح مصر والمنطقة العربية".

رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية محمد الولص بحيبح

تنسيق خفي

وأضاف بحيبح أن "هناك تنسيقًا خفيًا بين إيران وإسرائيل، لزعزعة منطقة البحر الأحمر والأمن البحري للدول المشاطئة وعلى رأسها السعودية ومصر".

وأوضح أن "إسرائيل تسعى لتعطيل قناة السويس لتشكيل ضغط كبير على مصر لقبول توطين أهالي قطاع غزة في سيناء، ودخول أمريكا كوسيط لتأمين البحر الأحمر".

واعتبر رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية، العمليات الحوثية "محاولة لعرقلة النفوذ المتنامي للصين وروسيا في المنطقة، وأهمها مشروع طريق الحرير الصيني أحد أبرز ركائز الاقتصاد العالمي الجديد".

وتابع بحيبح أن "المستفيد الأول من القرصنة الحوثية في البحر الأحمر هما أمريكا وإسرائيل، وحليفتهم من خلف الكواليس، إيران".

وقال بحيبح إنه غير متفائل بالتحالف الدولي بقيادة أمريكا، وقال إنها "عملية ظاهرها الرحمة على أساس تأمين البحر الأحمر، وفي الباطن تمضي وفق سيناريو غير إيجابي، قد يجعل من مليشيات الحوثي بعبع في المنطقة".

المحلل العسكري اليمني العميد ثابت حسين

إيران المستفيد الأكبر

وقال المحلل العسكري اليمني العميد ثابت حسين، إن "المستفيد الأكبر من تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر هو إيران، والمتضرر هما مصر وجنوب اليمن المتحكمين في قناة السويس ومضيق باب المندب".

وأضاف حسين لـ"تليجراف مصر"، أن "الحوثيين في عام 2017 كانوا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة في اليمن بعد وصول القوات المشتركة، وعلى رأسها العمالقة الجنوبية إلى قرب ميناء الحديدة، لكن الولايات المتحدة تحركت لإنقاذهم عن طريق الضغط على التحالف العربي والحكومة الشرعية لوقف التقدم، والتوقيع على اتفاق استوكهولم الذي مكن الحوثي من إعادة السيطرة على الحديدة، واستمرار تدفق الأسلحة والأموال من إيران". 

وأشار المحلل العسكري اليمني إلى أنه حال فشل عملية "حارس الازدهار" في وقف قرصنة الحوثيين على سفن التجارة العالمية في جنوب البحر الأحمر، فإن التحالف الأمريكي سيكون "فرصة جديدة" للحوثي لحشد أنصاره واستمرار التضليل بشعارات "كاذبة مثل الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، بينما يستمر موت الشعب اليمني فقط"، بنص تعبيره.

توقف عبور السفن

ومع استمرار القرصنة الحوثية، اضطرت شركات الشحن العالمية لإيقاف عملياتها مؤقتا أو تغييرها.

وذكرت BBC، أن "أكبر مجموعة شحن في العالم (MSC) حوّلت مسار سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر بسبب التهديد المتزايد بالمنطقة".

وعلقت شركة الشحن الدنماركية العملاقة (Maersk)، والألمانية (Hapag-Lloyd) رحلات البحر الأحمر، كما اتخذت الشركة الفرنسية (CMA CGM) أيضًا خطوة مماثلة.

الباحث في العلاقات الدولية محمد علوش

استعراض للقوى

الباحث في العلاقات الدولية محمد علوش، قال إن "الهجمات الحوثية في منطقة البحر الأحمر هدفها لفت أنظار العالم للاعتراف بهم كحكومة في اليمن وقبول الجلوس والتفاوض معهم بشكل رسمي".

وأضاف علوش لـ"تليجراف مصر"، أن إيران هي المستفيد من الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن الحوثي يعمل في المنطقة بالوكالة الإيرانية، فلا يخطو خطوة إلا لطهران مصلحة كبرى فيها.

ولفت الباحث في العلاقات الدولية إلى أن "عدم وجود أي من الدول العربية في التحالف الذي تقوده أمريكا يؤكد رغبة واشنطن في عدم تبني سياسات حازمة ضد جماعة الحوثي في اليمن".

وتابع أن "إيران تسعى لاستغلال العدوان الإسرائيلي على غزة لإرهاب العالم من خلال توظيف وكيلها الحوثي في اليمن لزعزعة المنطقة"، مؤكدًا أن الدول العربية هي المتضرر الأول.

الخبير في الشؤون الإيرانية وجدي عبد الرحمن

من البحر الى البر

الخبير في الشؤون الإيرانية وجدان عبد الرحمن، قال إن إيران وإسرائيل، هما المستفيدان مما يحصل في البحر الأحمر، وأن التحالف الذي أعلن عنه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مؤخرا، يخدم مصالحهما.

وأوضح عبد الرحمن أن إيران لا تريد أن تكون هناك علاقات أو تطبيع ما بين الدول العربية وإسرائيل، كما أنها تريد أن تثبت أن لها قوة على البحر الأحمر، وأنها تمتلك حلفاء ونفوذا في اليمن والسودان وإريتريا والصومال.

وأضاف أن إسرائيل تريد أن تغير خارطة الطريق التجاري لتشغيل الخط البري الجديد الذي يبدأ من الهند إلى الإمارات مرورا بالسعودية والأردن ثم إلى إسرائيل ومن ثم أوروبا، وأن تكون ضمنت الخروج من البحر إلى البر والحفاظ على تجارتها وأمنت نفسها من التهديدات التي تلاحقها في المضائق الأساسية هرمز وباب المندب وقناة السويس.

وقال عبد الرحمن إن ما يحدث في البحر الأحمر يخدم إسرائيل، وأنها قربت وجودها التجاري في العالم.

وأكد عبد الرحمن أن إسرائيل تكون بذلك استطاعت أن تؤمن تجارتها وحدودها وأمنها، وفي نفس الوقت جرت الدول العظمى لمواجهة خصومها، وأنها تستفيد من الصراعات والتوترات في المنطقة لتعزيز موقعها ونفوذها.

حارس الازدهار

على وقع الهجمات المتصاعدة التي يشنها المتمردون الحوثيون في اليمن، أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن عملية بحرية جديدة متعددة الجنسيات لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر الذي يعد ممرًا مائيًا حيويًا للتجارة والاقتصاد العالميين.

تأتي العملية التي أطلق عليها "حارس الازدهار" بعد سلسلة من الهجمات في البحر الأحمر، شملت طائرات مسيرة وصواريخ تابعة للحوثيين استهدفت سفن شحن وعسكرية أيضًا.

وبررت جماعة الحوثي هذا الهجوم المتكرر، بأنه رد على الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة المحاصر، وقالت إن السفن المستهدفة هي فقط التابعة لإسرائيل أو المسافرة إليها.

وأضرت هذه العمليات بمنطقة البحر الأحمر، الذي يربطه مضيق باب المندب من الجنوب بالمحيط الهندي وبحر العرب، وتربطه قناة السويس شمالًا بالبحر المتوسط.

مدمرات تعمل في المنطقة

وانضم إلى التحالف الذي تقوده أمريكا 10 دول، هم المملكة المتحدة، والبحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وسيشيل، وإسبانيا.

يشار إلى أن للبحرية الأمريكية ما لا يقل عن ثلاث مدمرات في محيط مضيق باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن، وهي يو إس إس كارني (DDG-64)، يو إس إس ماسون (DDG-87)، ويو إس إس توماس هودنر (DDG-116).

ويعمل في المنطقة أيضا مدمرة الصواريخ الموجهة التابعة للبحرية الملكية البريطانية HMS Diamond (D34)، وفرقاطة الصواريخ الموجهة التابعة للبحرية الفرنسية FS Languedoc (653).

search