لا مصر ولا كرواتيا.. العاصمة الإدارية الفائز الأول
لم تكن مجرد مباراة، فالمكاسب كثيرة حتى لو كنّا خسرنا، لكن لأن رمضان "كريم" تمكّن العميد من تحقيق أول فوز وهو مديرًا فنيا للمنتخب، وسادت حالة من الاطمئنان على الفريق في غياب قائده محمد صلاح، إضافة إلى بعض الأفكار يمكن بلورتها أو الاستغناء عنها مستقبلًا، وأخيرًا جذب جمهور غاب طويلًا وعاد مع حسام حسن يترقب ويشاهد ويقول رأيه سلبًا وإيجابًا بصراحة، هكذا جسّدت مباراة مصر ونيوزيلندا التي انتهت بفوز الفراعنة بهدف لمصطفى محمد، لتضرب موعد في النهائي اليوم ضد كرواتيا التي تخطت هي الأخرى تونس بضربات الترجيح.
وصحيح أن المكاسب الكروية بالنسبة لي مهمة، وهو ما دفعني لمشاهدة المباراة وتأمل كل ما حدث فيها، لكن بعد انتهاءها، وبعيدًا عن حسابات الساحرة المستديرة، انطباعات الجمهور، تحليلات المختصين، انتماءات الأندية، تبدّت لي حقيقة واحدة لا تقبل التشكيك، وهي أن العاصمة الإدارية الجديدة هي المستفيد الأكبر من تلك البطولة.
نعم، فحسبما قيل، أدى اعتذار النجم المصري العالمي، محمد صلاح عن عدم مشاركته في البطولة، إلى تخلي الشركة المنظمة عن رعايتها، ما أدى بدوره إلى تعثّر إقامتها في الإمارات ونقلها إلى مصر، ولأن "رُب ضارة نافعة"، تزامن ذلك مع إدراج الفيفا للبطولة ضمن بطولاتها، لتحظى "العاصمة الإدارية" بدعاية لو أردنا تنفيذها لصرفنا ملايين الدولارات بلا مبالغة.
حديثي ليس مجرد كلام، ففي علم التسويق، أصعب الخطوات هي تلك التي تبدأ فيها بالترويج لاسم مشروع أو علامته التجارية، فإن نجحت فهذا يعني بناء ثقة ستتحول إلى أرباح خرافية، ولو قلنا أن "العاصمة الإدارية" علامة تجارية، وحسبنا متابعين الفيفا عالميًا، والمهتمين بكرة القدم، والشركات التي تبحث عن بطولات جديدة ترعاها، وأرباح البث التلفزيوني وما إلى ذلك، لأدركنا أن البطولة التي حملت اسم "كأس العاصمة الإدارية" هي في الوقت ذاته حملة إعلانية ضخمة لم تدفع فيها مصر شيء بل حققت من ورائها مكاسب كبيرة.
تلك المكاسب، مُخطيء من يظن أنها رياضية فقط، فمدن مثل أبو ظبي والرياض، دفعت مليارات الدولارات من أجل استضافة بطولات عالمية، بداية من كأس السوبر الإسباني، ووصولًا إلى كأس السوبر المصري، لا للترويج لملاعب وبنيتهم الرياضية فقط، فالصورة أكبر من ذلك بكثير، فكل مشهد هو إعلان عن قدرة الدولة على التنظيم، الأجهزة الحديثة التي تستخدمها، مدى أمان الدولة، مدى سلاسة الطرق التي توصل الجمهور إلى الملعب، مدى إمكانية التصوير ودقته، وكل مشهد من تلك المشاهد يراها ملايين المتابعين لكرة القدم، وكل إعلان قادر على جذب استثمارات بمليارات الدولارات، والدليل إن دول الخليج تربح في النهاية رغم كل هذا الأنفاق الضخم.
تلك الرؤية ولُحسن الحظ، كانت حاضرة عند الدولة المصرية التي أصرّت على إقامة حفل افتتاح يليق بالبطولة وبملعبها الجديد الذي يحمل اسم العاصمة الإدارية، فأحضرت الفنان أحمد سعد ليكون صاحب ضربة البداية، كما تم اختيار النجم تامر حسني لمسك الختام، ونظرة بسيطة إلى تصنيف النجمان نرى أن مصر اختارت نجوم صف أول يشاركان دومًا في فعاليات عربية وعالمية، وبالتأكيد ذلك ليس من أجل بطولة ودية بقدر التسويق للعاصمة الإدارية.
كما أحسنت أجهزة الدولة أيضًا حين نقلت المباراة وفق أحدث أنظمة التصوير، وهو ما رأيناه جميعا وأشدنا به، بالإضافة إلى تذليل كافة العقبات امام المنتخبات المشاركة، فوفّرت لهم كل ما احتاجوه، وكان في مقدمة الجنود المعلومة المهندس خالد عباس رئيس شركة العاصمة الادارية والمهندس سيف الوزيري رئيس مجلس إدارة شركة استادت الوطنية للاستثمار الرياضى والأستاذ محمد يحيي لطفي رئيس مجلس إدارة شركة المتحدة للرياضة وأخيرا وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي.
لذلك، فسواء كسبت مصر أو خسرت في مباراتها ضد كراوتيا، ورغم تمنياتنا أن تكون تلك أول بطولة يتوّج بها العميد مع المنتخب الوطني، لكن في النهاية نحن ربحنا أكثر من بطولة، فكتابة "كأس العاصمة الإدارية" في أي محرك بحث وآلاف النتائج يكفي للقول كيف استفادت مصر، وصورة "لوكا مودريتش" إلى الاهرامات وما تبعها من مشاهدات، تعني أن مصر أجرت حملة إعلانية كبيرة لعاصمتها الإدارية، وإن كان العنصر الوحيد المفقود هو ملء الجمهور للمدرجات وهذا نأمل أن يتم تداركها لاحقًا.
الأكثر قراءة
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
الدوري المصري.. "ظبطنا الجاكيتة البنطلون ضرب"
10 نوفمبر 2024 11:46 م
على هامش البالون دور.. حتى لا تفقد الجوائز قيمتها
01 نوفمبر 2024 02:07 م
بطولة تصحيح المسار
27 أكتوبر 2024 02:10 م
لماذا الكابتن محمد رمضان تحديدًا؟
02 أكتوبر 2024 12:45 م
ميركاتو الأهلي في الميزان
06 سبتمبر 2024 08:58 م
هل أخفقت البعثة الأولمبية المصرية في باريس؟
12 أغسطس 2024 02:47 م
ماذا يعني نجاح وسام أبو علي؟
05 أغسطس 2024 12:49 ص
من يحمي بعثتنا الأولمبية من الضغوط النفسية؟
30 يوليو 2024 01:00 ص
أكثر الكلمات انتشاراً