الخميس، 21 نوفمبر 2024

10:20 م

نجوى مصطفى
A A

رونالدو وميسي.. يا كاتب التاريخ افتح صفحة جديدة!

يظهران خارج السياق الزمني، وكاتب التاريخ الذي ظنّ أنه أغلق صفحاته، كان عليه أن يفتح مرة أخرى صفحة جديدة، فالاثنان لا يعرفان الاكتفاء، رونالدو الذي لا يريد أن يجعل آخر مشاهده الخروج المُبكي من كأس العالم،  وميسي الذي لم يكن كأس العالم 2022 سوى قربان لشعب لم يعترف به إلا حين أتى إليه بالأميرة الثالثة.

لذلك أيضًا لزم الاثنان الصمت بعد المونديال الأخير، وأعطيا ظهرهما لسؤال متى موعد الاعتزال، هكذا كان الحال منذ عامين، فضَل كريستيانو الاسترخاء قليلًا في الدوري السعودي، واختار ميسي الراحة بين الولايات الأمريكية  التي لا تطالبه بالكثير، ورغم أن تلك التنقلات جعلت البعض يظن أنها المشهد الأخير لكليهما، لكنهما عادًا من جديد ليثبتا أنها لم تكن سوى استراحة مُحارب.

نعم، فبعيدًا عن يورو 2024 كبطولة قوية يتم تصنيفها بعد كأس العالم مباشرة، وبعيدًا عن أن منتخب البرتغال ككل المنتخبات لديه الطموح والاستعداد للوصول بعيدًا في تلك المنافسة، لكن بالنسبة لكريستيانو رونالدو هي بطولة خاصة، فبمجرد عودته قائدًا لمنتخب بلاده، عادت إليه الأرقام القياسية كأول لاعب يستمر في تلك البطولة لمدة 20 عام، إذ كانت أولى مشاركاته عام 2004، كما أنها العودة إلى ملاعب القارة التي رفضت أن ينضم إلى أحد أنديتها قبل قرار انتقاله للسعودية، وبالتالي فحوافزه تتلخص في رد الاعتبار لنفسه، هذا أولًا.

أما ثانيًا، فهو إن كان عليه بحكم العمر أن يغادر الملاعب، فليس أقل من أن يغادرها بطلًا، أو على الأقل لا تكسي وجهه الدموع كما حدث في مونديال قطر، أما ثالثا وهذا هو الأهم، أنه يقول لغريمه التقليدي "ميسي" أنه مازال موجود وقادر على حصد البطولات القارية، وبمعنى آخر فالمنافسة بيننا لم تُحسم بعد كما كان يظن بعد الفوز بالمونديال.

على الجانب الآخر، لم يكن البرغوث الأرجنتيني ينتوي إنهاء حياته في ملاعب إنتر ميامي الأمريكي، لذلك أعلن مشاركته في بطولة كوبا أمريكا التي ستبدأ في نهاية الشهر الجاري، ورغم أن البعض قد يظن أن ميسي ليس لديه أي دوافع، لكنني أري أن العكس هو الصحيح، فبصراحة لم يكن كأس العالم سوى عبء حمله "ليو" طيلة 5 مشاركات مونديالية حتى تمكّن أخيرًا من تحقيقه، ولذلك فتلك البطولة هي أول بطولة يلعبها الرجل حرًا دون أي قيود.

وإذا اعتبرنا أن الدافع الثاني عند ميسي يتعلق برغبة في جلب ما يستطيع من مجد لأمته التي وضعته جنبًا إلى جنب بجوار لاعبها الأعظم مارادونا، فإن الدافع الثالث والأكيد أنه يؤمن بنظرية إذا كنت تستطيع اللعب فلا تتردد، ولذلك فهو لن يترك الساحة أيضًا لمنافسه رونالدو ليكتسحها وحده، وببساطة فبطولة قارية أمام بطولة قارية، وكلانا تخطى الخامسة والثلاثين، وكلانا لن يتوقف حتى يتوقف الآخر.

المثير في قصة اللاعبّين أن هذه الدوافع لن تنتهي بمجرد يورو 2024 أو كوبا أمريكا  2024، بل استطيع الجزم من الآن، أن كليهما يخطط إلى مشاركة أخيرة في كأس العالم 2026 ولم يكن ابتعادهما عن الدوريات الكبرى سوى توفيرًا للجهد والعطاء في البطولات الكبرى، فشخصية مثل كريستيانو رونالدو إن خرج من اليورو الحالي منتصرًا، سيجدد هذا آماله في المونديال القادم، وإن خرج حزينًا فلن يرضى أن تكون آخر صفحاته في الملاعب هي الهزيمة، وهكذا في الحالتين هو مستمر.

أما ميسي، فهو أيضًا وبشكل آخر يستعد لمونديال ختامي ينهي به مسيرته الكروية، وبالتأكيد بطولة كوبا أمريكا ستشكل لديه اختبار قوي على مدى إمكانية منتخبه الذي يتصدّر حتى الآن قائمة الـ"فيفا" بين كل بلدان العالم، وهو بنفسه أكد ذلك حين سُئل عن مدى احتمال مشاركته فأكد أنه لم يحسم قراره بعد، لكن إن احتاجه منتخب بلاده فسيلبي النداء، والسؤال من هو المنتخب الذي يملك ميسي ولا يستدعيه؟!.

وبعيدًا عن المنافسة بين البطولتين، ومن سيتربع على عرش أوروبا الكروي أو من يملك القارة اللاتينية في كرة القدم، تبقى تلك الحالة التي خلقها كل من ميسي ورونالدو فريدة في التاريخ الكروي، لا لأنهما تنافسا بشدة لأن ذلك سُنة كروية، ولكن لأن المنافسة امتدت حتى أصبح كل منهما يزامل لاعبين في عمر أولادهم تقريبًا، ومازالا هما نجما الفريق والقادران على إحداث الفارق، ورغم شدة التنافس، لكنهما ملتصقان ببعضهما، إن اعتزل الأول سيعتزل الثاني والعكس صحيح.

search