الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:07 ص

نجوى مصطفى
A A

الحقيقة الغائبة في أزمة الزمالك الأخيرة

في سؤال من عمرو أديب إلى حسين لبيب، رئيس نادي الزمالك، عن الفرق الضخم بين عروض الرعاية التي يتلقاها النادي الأهلي مقارنة بالزمالك، أجاب الأخير دون تردد "الإدارة"، تلك الكلمة السحرية هي ما تجعل القلعة الحمراء في المكانة التي نراها الآن..

 تذكرت هذا المقطع الذي يتم تداوله بكثرة من حين لآخر، خلال الأيام الماضية إثر أزمة انسحاب أو اعتذار الزمالك  - سمها ما شئت- عن خوض مباراة القمة واستكمال باقي مباريات الدوري، وحديثي هنا ليس له علاقة بقرار الزمالك الذي لا أنتمى إليه ولست عضوة في جمعيته العمومية، وبالتالي فهذا يحتّم عليّ احترام خيارات كل فريق ومنحه الحق في فعل ما يريد.

لكن حديثي يتعلق بإجابة "لبيب" نفسه، والتي توضّح إنه يعي جيدًا مفهوم الإدارة الجيدة، كما يعي ما يعانيه الزمالك من خلل مفترض أنه جاء مع مجلسه لإصلاحه وهو يعرف حجمه وكيفية التصدي له وعدم تكراره، وتزامن ذلك مع موسم استثنائي، ولا أقصد هنا ضغط المباريات أو ترتيب جدول الدوري وما إلى ذلك، بل بشيء آخر..

المتتبع للخريطة الكروية يُمكنه أن يرى التغيير الحاصل بوضوح، والذي يصبّ في مصلحة الكرة المصرية، فلأول مرة هناك منافسة شرسة على بطولة الدوري بين بيراميدز والأهلي، منافسة على نقاط قليلة ما يجعل مباريات الفريقين ضد بعضهما البعض هي مباريات البطولة فعلًا، ولدينا عودة فريق جماهيري مثل المصري إلى المربع الذهبي وترجيح مشاركته في البطولات الأفريقية، كما لدينا أندية جديدة جسّدت الحصان الأسود مثل زد.

أضف إلى ذلك، أن لدينا النادي الأهلي بكل ما وصل إليه من عالمية، فهو أول فريق حطت رحّاله في كأس العالم للأندية المقبل بكل ما يحويه الحدث من أهمية و"Branding" وتسويق، وهو بطل أبطال أفريقيا للمرة الثانية عشر، وإليه تهرول كل الاتحادات لكي يشارك في البطولات، مرة بطولة الإنتر كونتنيتال، ومرة بطولة الأفرو آسيوية، وهكذا أضحى مثله مثل ريال مدريد، وبعيدًا عن المجد الكروي الذي لن يصل إليه أحد، وأنا أعي ما أقول، فإن كل ذلك يتُرجم إلى عقود رعاية وتسويق وأسعار بيع لاعبين وشرائهم أيضًا، والدليل ما يحدث مؤخرًا فلم يعد الأهلي يشتري أي لاعب والسلام، بل المطلوب جودة تليق بالمكان الذي وصل إليه.

وسط تلك المعطيات الواضحة، كان على نادي الزمالك، أن يخوض معركته كونه ناديا تخطّى المائة عام، وله جماهير في مصر وخارجها، وصاحب رصيد لا بأس بهِ من البطولات، لكن الحقيقة أن أمام هذا المشهد الاستثنائي، ورغم بعض الخطوات الجيدة من فتح القيد في أول رئاسة المجلس الحالي، أقول رغم ذلك، كان فقدانه للنقاط، النقطة تلو الأخرى، كافيا لطرده من قائمة أول 10 مراكز في الدوري، ولو لم يكن هناك بطولة الكونفدرالية المتواضعة لما أمكن أن يحسمها ليحفظ بها ماء الوجه لا أكثر.

على الجانب الآخر، كانت المشكلات القديمة يقابلها مشكلات جديدة، تمثّلت في راتب اللاعب سامسون إكينيولا الذي دفع باللاعب إلى رفض الرجوع قبل الحصول على مستحقاته، إضافة إلى  الراتب المتأخر للمدير الفني جوميز الذي أشارت تقارير كثيرة إلى فتحه مفاوضات مع أندية عربية لتدريبها خلال الفترة المقبلة في ظل عدم منحه مستحقاته المالية..

وأخيرًا وليس آخرًا احتمالية عدم مشاركة الزمالك في بطولة الكونفدرالية المقبلة بسبب ما تشترطه اللوائح من تسديد كافة الغرامات على أي نادِ قبل الحصول على رخصة المشاركة في البطولات الأفريقية، وهو أمر غير متحقق للأبيض في ظل غرامات خالد بوطيب ومستحقات فيريرا وهلم جرا.


أسرد هذا المشهد البعيد كل البُعد عن جدول الدوري الحالي، الأخطاء التحكيمية، الأزمة الأخيرة، أي أن هذا المشهد كان قبل كل ذلك، ولم يقل أحد للاعبين انهزموا أو افقدوا النقاط،  وبدلًا من مواجهة الجمهور بتواضع أداء الفريق ومحاولة تحسين مركزه، اختار مجلس الزمالك القفز على هذا الإخفاق بتصدير مشكلة أفقدته 6 نقاط وتدفعه إلى المركز الـ15 في دوري، وأكرر هنا أن مطالب الزمالك مشروعة، فجميع الأندية بما فيهم الأهلي اشتكى من منظومة الحكّام ومن ضغط المباريات الذي أضاع عليه الدوري منذ عامين، وأن جميع الأندية طالبت وستطالب بالكثير من أجل الإصلاح، لكن جميع الأندية لم تنسحب، فمن ناحية هي لا تريد فقدان أي نقاط، ومن ناحية أخرى فإن ذلك يؤثر عليها ماليًا في المستقبل.

نعم، وهنا مربط الفرس الذي بدأتُ بهِ المقال، تخيّل نفسك راعيا، معروضا عليك أن ترعى ناديا يحتل المركز 15 في دوريه، مهددا في مشاركته الأفريقية، عليه غرامات من لاعبين ومدربين فنيين، والأدهى أنه في ظل كل هذا ينسحب ويفقد المزيد، فأي راعِ هنا يُمكن أن يجازف بأمواله أو يشعر باستقرار علامته التجارية، تلك هي الحسبة الغائبة عن حسين لبيب، أو ربما حاضرة، لكن لا يريدون مواجهة الجمهور بها، والأهم أن ما يحدث دليل واضح على أن الحديث عن أن أي محاباة للأهلي تحدث في هذا الملف هو افتراء يستحق أن يُعاقب قائله، فلا محاباة أو أفضلية، وإنما أرقام ومواقف وإدارة لا تحبّ الصوت العالي.

search