الجمعة، 22 نوفمبر 2024

05:14 م

سامح مبروك
A A

خارج حدود الأدب| التوأم ما بين ديكتاتورية الجوهري وتهجيص عبدالعال

كشف الكابتن علاء نبيل، المدب المساعد للجنرال محمود الجوهري، عن سر زيارته المريبة للمقابر مع هذا المدرب الأسطوري للمنتخب الوطني المصري سابقًا، وكان ذلك في إطار استعدادات المنتخب لخوض غمار نهائيات كأس أمم أفريقيا 1998 في بوركينا فاسو، وكشف نبيل أن استعدادات الجنرال لم تكن تقتصر على الجانب الفني، بل كانت تطال كل التفاصيل، فعلى الرغم من تعاقد اتحاد الكرة في ذلك الوقت مع شركة أديداس العالمية لإنتاج الملابس الرياضية، فقد كان للجوهري رأي آخر، فلم يكن يفضل اللون الأحمر للمنتخب، بل كان يفضل أن يمثل المنتخب مصر باللون الأخضر، وقد يعود السبب في ذلك كما رجح البعض، لفخره بانتمائه للمؤسسة العسكرية، وأيضًا اعتزازه بألوان العلم المصري إبان فترة الوحدة المصرية السورية.

قرر الجوهري البحث بنفسه عن شركة محلية لإنتاج الزي الأخضر للمنتخب، والاكتفاء بملابس الشركة العالمية للتدريبات، وبالفعل وجد ضالته في أحد المصانع المغمورة في إحدى المناطق الشعبية، ولكن لم تتوقف المشكلة عند هذا الحد، بل تطور الأمر لأن يبحث عن مصنع لإنتاج جوارب بخامات مخصصة للاعبي المنتخب، فانطلق الجنرال مع نبيل -بحسب رواية الثاني- في رحلة البحث عن ذلك المورد المنشود، إلى أن وفقوا لمصنع صغير يقع بين جنبات المقابر بأحد المناطق الشعبية أيضًا، وارتدى المنتخب المصري في هذه البطولة الزي الأخضر والجوارب محلية الصنع واستطاع إحراز الكأس.

لم تكن صرامة ذلك الرجل بحكم نشأته تمثل أي عائق في مسيرة نجاحه، بل كانت تدعمها عبقريته ورؤيته الفنية، وأيضًا ظروف وملابسات ذلك العصر الذي ساعده في بناء أسطورته التدريبية، ومن منا يستطيع أن ينسى قرار إلغاء موسم كامل من الدوري العام، نزولا على رغبته، لإتاحة المجال لتجهيز منتخب مصر لنهائيات كأس العالم 1990.

ومع هذه التركيبة المنضبطة العبقرية أصبحت تجربة الجنرال فريدة عصية على الاستنساخ.

والآن في ظل التطور المذهل في تقنيات وأساليب التدريب، ولا سيما ما يخص المنتخبات، ترى التوأم بقيادة حسام حسن الوريث الشرعي للجنرال محمود الجوهري، يحاول استنساخ تجربته، ولكن تفاجأ وكأن العميد لم يرث من الجنرال شيئًا من تجربته المذهلة سوى الشدة والعند والمعسكرات الطويلة، متسلحًا بقناع الوطنية ومصلحة المنتخب التي تتقدم بالضرورة على أيٍْ من كان، لتقع تلك القرارات العنيدة التي تتسم بالفردية المفرطة ما بين فكي قواعد أقرتها الاتحادات الدولية، ومصالح تسويقية وإدارية للأندية.

ليخرج أمامنا معسكر المنتخب الجاري بهذا الشكل الهزيل، معسكر منتخب مصر -فقط- بستة لاعبين، وهنا نسأل من يتحمل كلفة تلك القرارات؟.

على ذكر تجربة التوأم لقيادة المنتخب، لا نرى فقط استنساخًا لتجربة الجوهري، بل أيضًا نشتم بعضًا من عبير فترة طيب الذكر الكابتن حسن شحاتة، وهذه المرة ليست في القرارات ولكن في الخيارات، فترى خيارات التوأم تنحصر في لاعبي الأهلي وقليلٍ من أندية القمة وجانب من المغمورين على غرار تجربة حسن شحاتة واللاعب جدو.
 
وحقيقةً على أرض الملعب، لا نرى استنساخًا فنيًا أو تكتيكيًا لأيٍ من التجربتين السابقتين، وفيما ننتظر بلهفة مشاهدة مباريات المنتخب بأسلوب فريد وممتع على غرار تفرد شخصيتي التوأم، نفاجأ بأساليب لعب يصفها البعض بـ-التهجيصية- وهنا أستعير المصطلح الشهير للكابتن رضا عبد العال.

لقد كان حسام حسن وتوأمه إبراهيم تجربة نادرة، ربما لم ولن تتكرر في الملاعب المصرية والعالمية، بالحماس والإخلاص والعطاء والموهبة والتفاني، ومن موقع المشجع المحب لمنتخب مصر، والمحب لتجربة التوأم كلاعبين، كنا نتمنى أن نرى هذا التفرد في تجربتهما في قيادة المنتخب وألا تكون فقط مجرد استنساخ لمعسكرات الجوهري وخيارات شحاتة وطرق لعب رضا عبدالعال، وإلا أصبحت التجربة برمتها خارج حدود الأدب.

search