"الكرامات".. أفيونة المصريين لعبور الأزمات
الروحانيات - بعدسة محمد فتحي
منى الصاوي
ملاذٌ آمن يلجأ إليه البعض عندما تتهاوى الآمال وتتضاءل الخيارات، إذ يلجأ الكثيرون بمن فيهم مثقفون وكتاب، بما يُعرف بـ “الكرامات"، بحثاً عن طوق نجاة أو بصيص أمل، ففي خضم المشكلات والأزمات العاطفية والاجتماعية والاقتصادية، يجد البعض في الكرامات ملاذاً روحياً، وقوة غيبية قادرة على تغيير مجرى حياتهم.
قدرات خارقة
تلك القدرات الخارقة التي تُنسب لأشخاص معينين، والتي تتحدى قوانين الطبيعة والمنطق، فبين معجزات الشفاء، وقراءة الأفكار، والتأثير على الأشياء عن بعد، تتشابك الحكايات والروايات، وتنسج تساؤلات عدة حول حقيقة هذه الكرامات وأسباب إيمان البعض بها.
أسباب نفسية واجتماعية
أرجعت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، الدكتورة عزة فتحي، إيمان البعض بالكرامات، إلى أسباب نفسية واجتماعية تتعلق بالثقافة التي تربى عليها الشخص.
وأضافت فتحي، لـ"تليجراف مصر"، أن هذا الاتجاه ليس وليد اللحظة، بل هو مترسخ في الثقافة المصرية منذ زمن بعيد، لافتة إلى أن الناس العاديون لم يكتفوا بالبحث عن ملاذ في الكرامات، بل تعدى ذلك إلى شخصيات تاريخية مثل نابليون بونابرت، ففي محاولة لكسب ود المصريين أثناء حملته الفرنسية، لم يتوانَ عن الادعاء باعتناقه الإسلام وتسمية نفسه باسم مسلم، كما تملّق للشيوخ والعلماء، ساعيًا لاستغلال هذا الاعتقاد الراسخ في نفوس المصريين لتحقيق أهدافه السياسية.
أزمات طاحنة
وأوضحت أن في خضمّ الأزمات التي تعصف بحياة الإنسان، سواء كانت عاطفية تُمزّق القلب، أو اجتماعية تُهدّد الاستقرار، أو اقتصادية تؤرق الفكر، يلجأ البعض إلى عالم الكرامات كطوق نجاة أخير.
وأشارت إلى أن عندما تتضاءل الحلول المنطقية وتُغلق الأبواب في وجوه البعض، يبحثون عن قوة خارقة، عن يد تمتدّ من عالم الغيب لتنتشلهم من براثن اليأس.
وأشارت أستاذة علم الاجتماع إلى بعض الأسباب وراء تنامي هذه الظاهرة.
الحاجة إلى الأمل والسيطرة
يوفر الإيمان بالكرامات ملاذًا نفسيًا للناس في مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها، حيث يمنحهم الأمل في إمكانية حدوث تغيير إيجابي، ويخلق شعورًا بالسيطرة على الأحداث، حتى وإن كان ذلك من خلال قوى خارقة للطبيعة.
التفسير للظواهر الغامضة
في عالم مليء بالأسرار والألغاز، يقدم الإيمان بالكرامات تفسيرات بسيطة وسهلة للظواهر التي يصعب تفسيرها علميًا أو منطقيًا، مما يريح العقل البشري من عناء البحث عن إجابات معقدة.
التأثير الاجتماعي والثقافي
غالبًا ما يكون الإيمان بالكرامات جزءًا لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد المجتمعية، حيث يتم تناقل القصص والمعتقدات المتعلقة بها عبر الأجيال، مما يعزز من انتشارها واستمراريتها.
البحث عن المعنى والهدف
في عالم متسارع ومتغير، قد يشعر البعض بفقدان المعنى والهدف في حياتهم، ويلجؤون إلى الإيمان بالكرامات كوسيلة لإضفاء قيمة روحية على وجودهم، والشعور بأنهم جزء من شيء أكبر وأسمى.
البركة والهداية
وفي سياق متصل، تقول الأستاذ المساعد بعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، بكلية التربية جامعة عين شمس، الدكتورة أسماء محمد، إن في خضمّ هذا الإيمان العميق بالكرامات، نجد أنفسنا أمام مفارقة عجيبة، فالأولياء، الذين يُنظر إليهم كمصدر للبركة والهداية، تُنسب إليهم معجزات تتحدى قوانين الطبيعة والمنطق، كشفاء المرضى وإحياء الموتى والتأثير على مجريات الأحداث.
الأولياء الصالحين
وأضافت لـ “تليجراف مصر”، أن لم يقتصر الأمر على الإيمان بقدرات الأولياء الخارقة، بل تعدى ذلك إلى اعتبارهم ملاذًا أخيرًا في مواجهة الظلم والقهر، فكان المصريون يكتبون الرسائل للأئمة وأولياء الله الصالحين، يطلبون منهم رفع الظلم عنهم أو المشورة في شؤون حياتهم، وكأنهم يتواصلون مع قوة قادرة على تغيير قدرهم.
حماية الأضرحة
وتابعت، "هذا الإيمان الراسخ تجلى أيضًا في الدفاع المستميت عن أضرحة الأولياء، حيث كان البعض يتصدى بقوة لكل من تسول له نفسه الاعتداء عليها، وكأنها حصون مقدسة لا يجوز انتهاكها".
وأشارت الدكتورة أسماء، إلى اعتقاد البعض أن كل ولي من أولياء الله الصالحين مُختص بحل مشكلة بعينها، فمنهم من يُنسب إليه حل المشكلات الزوجية، خاصة تلك المتعلقة بالحمل، بينما يُعتقد أن آخرين يتمتعون بقدرة على علاج الأمراض المستعصية، هذه التخصصات، وإن كانت تبدو غريبة للبعض، إلا أنها تعكس مدى عمق الإيمان بتلك القدرات الخارقة، وكيف أنها أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس وتطلعاتهم.
النذور والكرامات
وأكدت أستاذ علم الاجتماع، أن الكرامات ترتبط أيضًا بالنذور، وهي ظاهرة إعجازية أخرى ترسخت في الثقافة المصرية، ففي كل منطقة، هناك ولي صالح يُقصده الناس لقضاء حوائجهم، ويقدمون له النذور مقابل تحقيق أمانيهم.
وتابعت، "العلاقة التبادلية بين الإنسان والولي تعكس مدى تجذر فكرة الكرامات في المجتمع، وكيف أنها أصبحت جزءًا من منظومة المعتقدات والتقاليد الشعبية".
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
أمر اعتقال.. ماذا ينتظر نتنياهو؟
22 نوفمبر 2024 08:10 ص
بعد تثبيت الفائدة للمرة الخامسة.. ماذا يعني قرار البنك المركزي؟
21 نوفمبر 2024 09:08 م
بسبب "اغتصاب خضرة".. "بونابرت" أنهى خصام توفيق الدقن ويوسف شاهين
21 نوفمبر 2024 07:14 م
هل تعتقل الدول أعضاء "الجنائية الدولية" نتنياهو إذا ذهب إليها؟
22 نوفمبر 2024 02:00 ص
قانون لجوء الأجانب.. كيف يعزز مكانة مصر عالميًا؟
21 نوفمبر 2024 05:02 م
اعتقال نتنياهو.. العالم يرحب عدا دولتين
21 نوفمبر 2024 10:44 م
الأهرامات تحت المجهر.. حقيقة التعديلات الأخيرة
21 نوفمبر 2024 09:08 ص
هل يواجه طفلك مصير واقعة "حضانة الغربية" دون أن تدري؟
20 نوفمبر 2024 10:09 م
أكثر الكلمات انتشاراً