الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

06:26 ص

نجوى مصطفى
A A

الدوري المصري.. "ظبطنا الجاكيتة البنطلون ضرب"

"مش عارف جيت أظبط الجاكيتة البنطلون ضرب"، ليس هناك أصدق من هذا الـ"إيفيه" الذي أطلقه النجم الراحل سمير غانم في مسرحيته الخالدة "المتزوجون" لوصف الدوري المصري، وانطلاقته التي لم تُكمل شهرا حتى الآن، ورأينا فيها كوارث تحكيمية، وإقالة لجنة حكام، والإتيان بأخرى، بل وقضايا رُفعت هنا وهناك لجلب الحقوق ونفي التُهم وإثبات الحق.

وقبل الغوص في تفاصيل كل هذا، نعود إلى العام الماضي، الذي شهد كارثة التأجيلات التي أوصلت الدوري إلى أن يستمر لمدة تقارب العام، ما نتج عنه في النهاية تلاحم مواسم، وإرهاق اللاعبين، وعدم دخول الأندية في فترة استجمام ثم فترة استعداد حتى يجهز لاعبيها لخوض موسم جديد، بل أن أندية مثل النادي الأهلي "ما صدق" حسم الدوري حتى يُريح لاعبيه الكِبار قبل عام جديد يخوض فيه الكثير من البطولات، وهكذا سارت أندية أخرى على نفس الدرب بمجرد حسم مقعدها في الدوري.

ولتفادي تلك المشكلة، وبحضور معظم أندية الدوري المصري، تم الاتفاق على إقامة دوري استثنائي يؤدي في النهاية إلى تخفيض عدد المباريات وبالتالي تنضبط الأمور، وتم التعاقد مع شركة أجنبية لتضع جدول الدوري، رغم أن المشكلة لم تكن في الجدول بل في عدد أيامه وقد تم حلها بالنظام الجديد، لكن هذا ما حدث!

بمجرد ضبط جدول الدوري، على الأقل حتى الآن، انفجرت مشكلة التحكيم في أول أسبوعين، ووصل الأمر إلى حد أن اتحاد الكرة أقال اللجنة القديمة، وتم تعيين لجنة جديدة، وكالعادة لم يقل لنا أحد لماذا أقيلت اللجنة القديمة، وما أخطاؤها، وما هي حيثيات تعيين اللجنة الجديدة، ومدى صلاحيتها وخطتها لتلافي الأخطاء السابقة، هكذا اتُخذ القرار وانتهى الأمر.

بالطبع لست في حاجة إلى قول أن اللجنة الجديدة لن تفعل شيء، كما أن جدول الدوري معرض بنسبة كبيرة لتأجيلات كسابقه، وأي مشكلة أخرى ستطرأ لن يكون هناك حل جذري لها، وذلك ليس لأنها مستحيلة، أو استثنائية في مصر، ولكن لأن طريقة التعامل معها لا تستهدف حلها قدر ما تستهدف تجاوزها، والفرق واضح بين الاثنين.

وللتوضيح أكثر، ولرسم صورة أكثر دقة، فإن المسئولين سواء اتحاد الكرة، أو الرابطة، لا يتعاملان مع الدوري المصري، كمنظومة يجب ضبطها من كل زوايا وبكامل أركانها، بداية من الجدول، مرورًا بمواعيد البطولات القارية للأندية، والاجندة الدولية، ثم يضعان التحكيم كركن أساسي لتلافي أخطاؤه، وهكذا، بل العكس هو ما يحدث، يتم التعامل بالقطعة، تارة قطعة جدول الدوري فيتم الاستعانة بشركة أجنبية لضبط الجدول، رغم أن المشكلة لم تكن في الجدول بل في عدد المباريات، وطالما عدد المباريات تقلّص فهذا يعني بالضرورة تقليص عدد الأيام وحل المشكلة، فما فائدة الشركة الأجنبية؟!

الأمر ذاته حدث مع التحكيم، فبدلًا من مُحاسبة المُخطئ إن تم إثبات تعمّد الخطأ، أو تبرئته في حالة إنه بريء، تمت إقالة لجنة الحكام وتعيين واحدة بأخرى، فلماذا تمت إقالة القديمة؟، هل هذا يعني أنهم مُخطئين؟ ولو مُخطئين أليس الواجب محاسبتهم حتى لا يأتي الجديد ويرتكب نفس الخطأ طالما العقاب هو ترك المنصب فقط؟، وإن لم يكونوا مُخطئين أليس حقهم أن يستمروا في مناصبهم لأن تركها يعني إدانتهم وهم أبرياء؟، فما خطة لجنة الحكام الجديدة؟، ما استراتيجية ألا يتكرر خطأ السابقين؟، وما تصوراتهم للنهوض بالتحكيم خلال الفترة المقبلة؟

طبعا، إذا وضعنا ذلك بجوار بعض الحقائق، مثل إن اتحاد الكرة منتهي الصلاحية، وأن هناك اتجاه حول عودة خبير أجنبي للحكام، رغم أنه كان موجود ورحل لنفس الأسباب التي يتم على أساسها مطالب عودته الآن، في مفارقة تشبه ما كان يحدث منذ عقود من إقرار سنة سادسة ابتدائي على الطلاب، ثم إلغاؤها للتطوير، ثم عودتها للتطوير، وهلم جرًا.

إذا وضعنا كل ذلك في صورة أكبر تتضح لنا الحقيقة، في أن المشكلة ليست في خطأ حكم، أو جدول دوري، بل المشكلة في المنظومة بأكملها، وفي حقيقة لا يمكن أحد إنكارها وهي أن العقبة في حل المشكلات خلال السنوات الماضية رغم تعاقب المسئولين وتغيير أسماؤهم، هي أن الكل أجمع على تجاوز المشكلة لا حلها، على إسكات الإعلام، إيهام الكل بالتغيير، والإطاحة بـ"كبش الفداء" وقت الأزمات، أما ما دون ذلك فكل شيء كما هو، ولذلك ستبقى المشكلات حاضرة.

search