الجمعة، 22 نوفمبر 2024

08:40 م

الشدة المستنصرية.. مجاعة مصرية أرغمت الناس على أكل بعضهم

مسلسل الحشاشين

مسلسل الحشاشين

إسلام الزيني

A A

سلط مسلسل “الحشاشين”، بطولة النجم كريم عبد العزيز، الضوء على أزمة حدثت في مصر قديمًا واستمرت لمدة 7 سنوات متتالية، وعُرفت بما يسمى "الشدة المستنصرية"، حيث وقعت في أيام الحكم الفاطمي، وأودت بحياة آلاف المصريين بسبب جفاف النيل وما أعقبه من مجاعة.

وعانى المصريون في ذلك الوقت من الكثير من الأهوال، لدرجة أنهم قاموا بنبش القبور وأكلوا لحوم البشر والكلاب، والكثير من أنواع الحيوانات التي كانوا يصطادونها في ذلك الوقت، في ظل عدم وجود طعام أو شراب في القاهرة.

ما هي "الشدة المستنصرية"؟

سميت بذلك الاسم "الشدة المستنصرية"، نسبة إلى الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وامتدت لسبع سنين في عهده، تحديدا في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وأرجع المؤرخون السبب الرئيسي ذلك إلى جفاف مياه نهر النيل، بجانب أسباب عدة أخرى، جميعها يندرج تحت إطار الفساد.

وأشارت أحداث المسلسل إلى أنه بسبب ضعف شخصية الخليفة في ذلك الوقت وتدخّل أم الخليفة المستنصر بالله في الحكم، تدهورت الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، فضلا عن محاربة الجنود لبعضهم البعض وانقسامهم بين عبيد ومغاربة وأتراك وأرمن وشوام (شاميين).

كتابات المؤرخون عن الشدة

وسلط كتاب “اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء”، للمؤرخ أحمد بن علي المقريزي الشهير بـ “تقي الدين المقريزي”، الذي ولد في القاهرة عام 1364 وعاش فيها ما يقرب من 80 سنة، حيث كتب في أحد صفحات كتابه "أكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به، وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط".

ومن ضمن أحدث الكتاب التي ذكرها "المقريزي"، إن بيع دار ثمنها 900 دينار بـ 90 دينارا اشترى بها دقيقا، وعمّ الغلاء والوباء وانقطعت الطرقات برا وبحرا، وتصحّرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤوس الخبازين.

كما أشار الكتاب إلى أنه في ذلك الوقت تزايدت الأحوال، سواء حتى أكل الناس بعضهم بعضا، حيث كان في بداية الأمر يقطعون الطرقات ليقتلوا من بها حتى يأخذوا لحمه ويأكلوه، وقد صنعوا الخطاطيف لانتشال الناس والكلاب والمواشي وهم يجلسون في أعلى بيوتهم.

وأضاف "فإذا مرّ أي كائن حي كانوا ينتشلوه وسرعان ما يشرّحون لحمه ويبدأون في أكله"، واصفًا هذه الفترة بأنها من أبشع الفترات التي مرت على مصر، لدرجة أنه ضمن أحداث هذه الفترة، بحسب وصف الكتاب، كان هناك امرأة تحتضن زوجها الميت وتأكل من لحمه حتى كادت الجثة تنفجر، هذا إلى جانب بيع كافة الممتلكات من أجل شراء رغيف من الخبز فقط، الذي وصل سعره حينها إلى خمسين دينارا.

وانتهت "الشدة المستنصرية" في مصر بنهاية المطاف على يد بدر الدين بن عبد الله الجمالي عام 1573، وذلك بعدما استغاث به المستنصر بالله ليعيد العدل والحياة مرة أخرى في مصر، فقد حارب الجنود الفاسدين وأصلح نظام الري بعد أن تم حل أزمة المياه، ثم اتجه الجمالي إلى ترميم القاهرة وإعادة تعمير البلاد.

وأطلق المصريون اسم بدر الدين بن عبد الله الجمالي على أشهر الأحياء في مصر وهو حي الجمالية.

search