في ذكرى وفاة أحمد بهجت.. "كلمتين وبس" عن صعود المصريين إلى القمر

في عام 2020 صعد ثلاثة رواد فضاء من مصر إلى القمر على متن صاروخ مصري، وكان اختيارهم عن طريق قرعة تقدم لها 126 ألف مواطن، واهتمت وسائل الإعلام العالمية بنقل الخبر في جميع بقاع الأرض.

هذا ليس خبرا كاذبا أو تلفيقا صحفيا، ولكنها أحداث رواية كتبها الساخر أحمد بهجت في مايو 1994، حملت عنوان "تحتمس 400 بشرطة".

أحمد بهجت وصعود المصريين إلى القمر

منذ 30 عاما تخيل الكاتب الساخر أحمد بهجت كيف يمكن أن يصعد المصريون إلى القمر، وماذا لو كان لدينا وكالة فضاء، في ظل البيروقراطية المنتشرة وقتها، وهو ما سطره في روايته الساخرة التي روت قصة الرواد الثلاثة "بيومي"، و"عتريس"، و"تفيدة".

ولم يكن اسم "تحتمس 400 بشرطة" مجرد اسم للصاروخ الفضائي، وإنما كان لفشل 399 محاولة للغزو المصري للفضاء، كاد أن يتكرر للمرة الـ400، لولا أن تعامل علماء قاعدة زينهم الفضائية مع توقف جهاز العد الإلكتروني بطريقة "راديو العمدة" ووجهوا له "خبطة محترمة" عاد بعدها إلى العمل، إضافة إلى الطريقة المصرية المجربة في تسيير أي سيارة "عطلانة" مع الكلمات السحرية "اللي يحب النبي يزق"، لينطلق الصاروخ المصري وترصد الكاميرات عليه أهم جملة في عالم الميكروباصات "ما تبصليش بعين ردية.. بص للي اندفع فيا".

الكوالنجي وباب السفينة

ويستمر أحمد بهجت في سرد فانتازيا غزو الفضاء المصري، لنرى وزير الفضاء الكوني، الدكتور عبدالسيد الكوالنجي، والذي يفخر بكونه صاحب دكتوراه علمية 100% عن كيفية صنع أبواب تفتح من الخارج فقط، ولا يستطيع أحد فتحها من الداخل، وما زاد الأمر طرافة، أنه وضع تلك الأبواب في الصاروخ الذي يقل المصريين الثلاثة، ولم ينتبه للكارثة إلا عندما نبهته مذيعة التلفزيون في لقاء على الهواء مباشرة، فكيف سيتصرف  "بيومي"، و"عتريس"، و"تفيدة"؟

رعب في الفضاء

حالة من الرعب انتابت رواد الفضاء الثلاثة في الفضاء، وشقت الكون لتخترق الغلاف الجوي وتصيب علماء الفضاء على أرض مصر، بسبب عدة أعطال في الصاروخ، بدأت بانقطاع الكهرباء، ثم المياه، وطفح المجاري، تسببت في فقدان التحكم فيه وتخطيه وجهته المقررة وهي سطح القمر، واستمراره في التحليف في الفضاء السرمدي نحو المريخ.

تطورت الأحداث بسرعة في الفضاء، ولم يستسغ الرواد الثلاثة طريقة التغذية عن طريق الحبوب المخصصة لذلك، وفاجأوا القاعدة الفضائية في زينهم بما لم يكن في الحسبان، حيث هربت "تفيدة" ملوخية وثوم وكرنب وبقية مكونات المحشي، وأعدت أكلة مصرية أصلية في الفضاء الخارجي، تسببت في أزمة معوية نتج عنها بعض غازات المعدة من رواد الفضاء.

أزمة دبلوماسية وكوميديا فضائية

خرجت غازات معدة "بيومي"، و"عتريس"، و"تفيدة" من فتحة التهوية في الصارخ الفضائي، وانتشرت في الفضاء الفسيح، لتصل إلى القاعدة الأمريكية الفضائية في المريخ، وتصيب كل من فيها بذعر ليس له مثيل، حيث توهموا أنه سلاح كيماوي يشير لنية القاهرة في الاستيلاء على قاعدتهم بشكل مفاجئ.

أرسلت أمريكا إنذارا رسميا للحكومة المصرية بشأن مخاوفها، ووجهت 3 صواريخ تجاه "تحتمس 400 بشرطة"، لكنها لم تصبه وتسببت في فتح بابه وهو ما أثار ذعر رواد الفضاء الثلاثة، وألقت "تفيدة" بنفسها إلى الفضاء وسبحت متجهة إلى المريخ دون أن تدري، وهي "ترقع بالصوت الحياني" كأي سيدة مصرية شعبية أصيلة، وهنا حدث التحول الجوهري غير المتوقع.

المصري معروف بجبروته

تسبب الفراغ الكوني في تضخيم الموجات الصوتية لصراخ "تفيدة" فراح يحطم القاعدة الأمريكية على الكوكب الأحمر، لتهبط قلوب 74 جنديا وضابطا أمريكيا في قلوبهم ويعلنون الاستسلام الفوري للمصريين الثلاثة، وهو ما دفع أمريكا للتفاوض مع مصر من أجل حفظ ماء وجهها، واضطرت لمنحها مليارات الدولارات لا ترد، لإنهاء الموقف المحرج.

“كلمتين وبس” عن أحمد بهجت

يعتبر الكاتب الراحل أحمد بهجت المولود في 15 نوفمبر 1932، من أبرز الكتاب الساخرين في مصر، وله أكثر من 20 كتابا متنوعا، ومن أبرز أعماله في الإذاعة البرنامج الشهير "كلمتين وبس"، والذي ارتبط مع المستمعين بصوت الفنان الراحل فؤاد المهندس، وأخرجه يوسف حجازي، وتناول بأسلوب ساخر وسرد مميز قضايا اجتماعية متعددة أثرت في حياة المصريين، مقدما حلولا واقعية بطريقة حولت القضايا اليومية إلى دروس مليئة بالحكمة والفكاهة.
 

ومن أهم كتابات بهجت الساخرة "مذكرات زوج"، والتي تحولت إلى مسلسلين حملا الاسم نفسه، الأول بطولة محمود ياسين وفردوس عبدالحميد في رمضان 1990، والثاني بطولة طارق لطفي وعائشة بن أحمد في رمضان 2023.

أيام السادات وألف ليلة وليلة

ورغم كونه من أشهر الكتاب الساخرين في مصر، إلا إنه كتب سيناريو وحوار فيلم "أيام السادات" للفنان أحمد زكي، والذي قدم من خلالة سيرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وحوار فيلم "البوساء" لفريد شوقي، المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه للكاتب الفرنسي "فيكتور هوجو"، وسيناريو وحوار مسلسل "ألف ليلة وليلة" لحسين فهمي ونجلاء فتحي في 1984، ويوسف شعبان وإيمان الطوخي في 1991، إضافة إلى قصة وسيناريو وحوار كارتون "قصص الحيوان في القرآن" و"قصص الإنسان في القرآن" والذي كان يقوم بالأداء الصوتي فيه الفنان يحيى الفخراني مع كوكبة من النجوم.
 

وفي 11 ديسمبر 2011، رحل عن عالمنا الكاتب الكبير أحمد بهجت عن عمر ناهز 79 عاما، تاركا خلفه إرثا أدبيا وصحفيا غنيا بعد رحلة استمرت عقودا في عالم الصحافة والأدب، بدأها صحفيا بجريدة أخبار اليوم عام 1955، وانتقل بعدها إلى مجلة صباح الخير عام 1957، وفي 1958 انضم إلى جريدة الأهرام، وبعدها شغل عدة مناصب، منها رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون عام 1976، قبل أن يتولى منصب نائب رئيس التحرير للشؤون الفنية بجريدة الأهرام في1982.